§ مصادر التربية الإسلامية
.
إن مصادر التربية الإسلامية هي نفس مصادر الإسلام والتي يمكن تناولها بصورة
موجزة على النحو الآتي:
أولا: القرأن الكريم:
المصدر الأول للتربية الإسلامية، تستمد منه أهدافها ووسائلها، وعلى ضوئه
تقوم تلك التربية، إذ إن له تطبيقاته وآثاره التربوية التي يصعب حصرها لكثرتها
وقصور العقل البشري عن إدراكها.
وآثاره التربوية تكون على الفرد والجماعة وفي تنمية وبناء المجتمع.
والقرآن الكريم
يفرض الإقناع العقلي مقترنا بإثارة العواطف والانفعالات الإنسانية فهو بذلك يربي
العقل والعاطفة معا متمشيا مع الفطرة الإنسانية في البساطة وطرق باب العقل مباشرة.[1]
يستخدم القرآن الكريم أسلوب الخضوع والخشوع والتنويع والتحبب أو التنبيه
والعبارات والسلوك المثالي تطبيقا عمليا للأخلاق. كذلك يذكر سبحانه وتعالى نعمه
ودلائل عظمته وما سخر لنا وعند كل آية
استفهام يضع الإنسان أمام الحس الوجداني وصوت القلب والضمير فلا يستطيع أن ينكر ما
يحس به ويستجيب له عقله وقلبه. وقد تضمن القرآن الكريم طرقا متعددة في التربية
منها القصة والمثال والقدوة وغير ذلك. كما أنه جاء بعدة مبادئ تنير السبيل أمام كل
من يتصدى لعملية التقويم، فالقرآن يحث على مطابقة القول والعمل، وهذا يعني أن من
يتولى عملية التقويم عليه الإهتمام بالسلوك العملي وعدم الإكتفاء بقياس التحصيل
اللفظي.[2]
ثانيا: السنة:
المصدر الثاني الذي
تستقي منه التربية
الإسلامية، ومنهجها التربوي هو السنة المطهرة، والمعنى اللغوي لهذه الكلمة (السنة) هو الطريقة
والأسلوب والنهج، والمعنى العلمي: مجموعة ما نقل بالسند الصحيح من أقوال الرسول
صلى الله عليه وسلم وأعماله، وتركه ووصفه، وإقراره
ونهيه، وما أحب، وما كره، وغزوات وأحواله وحياته.
والسنة جاءت في الأصل لتحقيق هدفين:
أ- إيضاح ما جاء في القرآن، وإلى هذا
المعنى أشار القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا
إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[3]
ب- بيان تشريعات وآداب
أخرى كما ورد في قوله
تعالى: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}[4] أي
السنة كما فسرها الإمام الشافعي، والطريقة العلمية التي بها تتحقق تعاليم القرآن، وكما ورد في
قول الرسول صلى الله عليه وسلم:ألا وإني أوتيت
الكتاب ومثله معه".هذا
وللسنة في المجال التربوي فائدتان عظيمتان:
أ- إيضاح المنهج
التربوي الإسلامي المتكامل الوارد في القرآن الكريم، وبيان التفاصيل التي لم ترد
في القرآن الكريم.
أ- استنباط أسلوب تربوي من حياة الرسول صلى
الله عليه وسلم مع أصحابه، ومعاملته الأولاد، وغرسه الإيمان في النفوس"[5]
§
أهداف وخصائص التربية الإسلامية .
1-أهداف التربية
الإسلامية:
اهتمت التربية الإسلامية بتنشئة الأطفال
والشباب على معرفة الدين وحسن الخلق والاهتمام في إقامة الشعائر الدينية من صلاة
وصيام وزكاة وحج وإقامة الروابط الأخوية والعلاقات الطيبة بين الفرد وبقية الأفراد
واحترام الناس وأعمالهم.[6]
وانصب اهتمامها على أن يصير الإنسان
عابدا ، وذلك هو الهدف الكلي للتعليم والتربية في الإسلام؛ أي تنمية والتكوين
الإنسان العابد الصالح، وهذا هدف عال تنطوي تحته مجموعة من الأهداف الخاصة التي
تجعل من الإنسان هدفا في حد ذاته، وهي علامات في طريق تحقيق الهدف الأعلى في
التربية.[7]
وتهدف التربية الإسلامية إلى التربية
الخلقية بمعنى تنمية أخلاقيات معينة لدى الإنسان، أي تنمية عادات سليمة تتفق مع
الفكر الإسلامي عن الإنسان ليسير عليها في حياته.[8]
ويتلخص الهدف الأساسي من التربية
الإسلامية في كلمة واحدة وهي (الفضيلة).[9]
والأهداف هي
التغيرات المرغوب فيها من معارف ومهارات واتجاهات وسلوكات، والتي يقصد إيجادها في
المتعلم من خلال العمل والنشاط. والأهداف تتنوع إلى عامة منها الإلمام بأحكام
الدين الإسلامي وتبصير المسلم بمنهج الإسلام. وأهداف خاصة منها مجموعة المعارف
والمهارات والإتجاهات والسلوكات المقصود إيجادها في المتعلم. وأهداف معرفية
ووجدانية وأخرى سلوكية وكذلك أهداف فردية وأهداف إجتماعية.
أما أهم أهداف التربية الإسلامية فهي:
1-
التثقيف العقلي والإعداد الفكري للمسلم.
2-
تنمية القوى والإستعدادات الطبيعية للطفل.
3-
الإهتمام بقوة النشئ وحسن تربيته أياً كان جنسه ذكرا أم
أنثى.
4-
العمل على توازن القوى والإستعدادات الإنسانية.[10]
5-
تكوين قاعدة علمية نظرية للعقيدة الإسلامية لدى المتعلم.
6-
إشباع الحاجة إلى المعرفة لدى المتعلم.
7-
تزويد المتعلم بالمعرفة الدينية اللازمة له.
8-
تصحيح المفاهيم الدينية الخاطئة لدى المتعلم.
9-
محاربة الأفكار الهدامة الموجهة ضد الدين الإسلامي.
10-
إشباع العواطف النبيلة لدى المتعلم .
11-
تنمية العواطف والقيم المرغوب فيها لدى المتعلم.
12-
محاربة العواطف والقيم غير المرغوب بها لدى المتعلم
13-
دعم أنواع السلوك الطيبة والإيجابية لدى المتعلم.
14-
تعويد المتعلم العادات والمهارات وألوان السلوك المرغوب
فيها.
15-
العمل على أن يحفظ المتعلم قدرا من القرآن الكريم.
16-
إعداد المتعلم للحياة الأخروية كما هي الحال بالنسبة
للحياة الدنيا.
17-
تنمية الوازع الديني لدى المتعلم .
18-
إعداد المتعلم للتمييز بين الأصيل والدخيل من العائقد
والممارسات الخاطئة .
19-
تمكين المتعلم من مد يد العون للآخرين فيما يخص الأمور
الدينية.
20-
تحقيق السعادة للإنسان.
21-
تهيئة المسلم السوي الإيجابي الفاعل في المجتمع.
وتشمل هذه الأهداف : الأهداف المعرفية والوجدانية والسلوكية. يرى
الدكتور محمد فاضل الجمالي (رحمه الله) بأنها قد حددت في القرآن الكريم وهي:
1-
تعريف الإنسان بعالاقته الإجتماعية ومسؤولياته ضمن نظام
اجتماعي إنساني.
2-
تعريف الإنسان (الفرد) بمكانته بين الخليقة وبمسؤولياته
ضمن نظام اجتماعي إنساني.
3-
تعريف الإنسان بالخليقة (الطبيعة) وتمكين الإنسان من
استثمارها.
4-
تعريف الإنسان بخالق الطبيعة وعبادته.[11]
أما
الدكتور ناصر الخوالدة فيرى بأن التربية الإسلامية تهدف إلى:
1- بناء الشخصية الإسلامية
المؤمنة.
2- بناء الشخصية
المنسجمة مع الفطرة الإنسانية
3- تحقيق التوازن
بين الجانب النظري والجانب التطبيقي.
4- تحقيق التوازن
الإجتماعي.
5- تحقيق الإنسجام
النفسي.[12]
2- خصائص التربية الإسلامية:
تتصف التربية الإسلامية بجملة من الخصائص أبرزها
مايلي:
1- أنها تربية
ربانية: سواء في
مصدرها أو في غاياتها لأن مصدرها القرآن والسنة. وربانية المصدر تعني خلوها من
التناقض والتطرف والغلو والقصور الذي نجده في المناهج الوضعية.
وهي ربانية في
غاياتها إذ إنها تهدف إلى تربية الإنسان الصالح العابد الذي يحسن صلته بربه"[13].
2- تربية تكاملية
شاملة: تستهدف جوانب شخصية المتعلم(ة) في بعدها
المعرفي والعلمي باعتبارهما غذاء للعقل الذي هو أساس التفاضل بين الناس، قال تعالى"قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ
وَالَّذِينَ لاَيَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُواْ الالْبَابِ"[14]
وفي بعدها النفسي لأنها تخاطب عاطفة المتعلم(ة)
ووجدانه(ها) وقلبه(ها)، قال رسول الله صل الله عليه وسلم"ألا وإن في الجسد
مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب"[15].
أما في بعدها الجسمي فقد أمر الإسلام بالعناية
بصحة المتعلم(ة) وجسمه(ها)، قال رسول الله
صل الله عليه وسلم "وإن لجسدكم عليكم حقا"[16]
3- تربية مهارية: تنمي لدى
المتعلم(ة) الجانب الحس الحركي كالمهارة التلفظية "ترتيل القرآن"
والمهارات اليدوية "الوضوء" والجسمية "كالصلاة".
4- تربية سلوكية
علمية: أي أنها لاتكتفي بالقول وإنما تتعداه إلى العمل
والممارسة قال تعالى: "وَقُلْ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى الَّلهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُوِمنُونَ"[17].
5- تربية
متوازية: فهي تحرص على تحقيق التوازن بين الحياة الدنيا والآخرة قال تعالى: "وَابْتَغِ فِيمَا أَتَاكَ الَّلهُ الدَّارَ الآخِرَةًَ وَلاَ
تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا "[18].
6- تربية متفتحة: على خبرات الآخرين وتجاربهم وأفكارهم ذات المنفعة
الظاهرة، وهذا الانفتاح يقتضي أمرين:
-
التعرف على مكامن الخير وأصوله في كل جماعة بشرية
لتنميتها.
-
التعرف على عوامل الانحراف المرضى في كل جماعة لتشخيصه
وعلاجه.
[1] - أصول التربية الإسلامية في
البيت والمدرسة والمجتمع، ص 22.
[2] - طرق تدريس التربية الإسلامية، الدكتورة هدى علي جواد الشمري،
الطبعة الأولى، ص 32
[3] - سورة النحل الآية 16-44.
[4] - سورة الجمعة الآية 2.
[5] - عبد الرحمن
النحلاوي،(1403ه)،أصول التربية الإسلامية وأساليبها ط (2)، دار الفكر. ص26.
[6] -الأصول الإسلامية ، حسن سليمان قورة،ص
412.
[7] -الفكر التربوي في الإسلام ومصادره، معطيات حركته ،ص50.
[8] - مبادئ التربية الإسلامية، أسماء حسن فهمي، ص 51.
[9] - التربية في الإسلام، محمد عطية الأبراشي، ص 28.
[10] - التربية في الإسلام ، محمد عطية الأبراشي، ص28.
[11] - الفلسفة التربوية في القرآن، د. محمد فاضل الجمالي. ص13 .
[12] - طرق تدريس التربية الإسلامية وأساليبها وتطبيقاتها، أنظر مناهج
التربية الإسلامية، ص29.
[13]- تدريس التربية الإسلامية للمبتدئين، ص20.
[14]-سورة الزمر الآية 09.
[15]-رواه البخاري، باب فضل من استبرأ
لدينه، كتاب الإيمان، الجزء 1، طبعة 1376ه، مكتبة النهضة الحديثة، ص: 16.
[16]-رواه البخاري في صحيحه باب
لزوجك عليك حقا ، كتاب النكاح، الجزء 7،
طبعة 1376ه، مكتبة النهضة الحديثة، ص28.
[17] - سورة التوبة الآية 105.
إرسال تعليق