أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

مقومات الفكر الإسلامي حجيته و خصائصه

 



مقومات الفكر الإسلامي حجيته و خصائصه


§       حجية الفكر الاسلامي.

      يقول محسن عبد الحميد. "التفكير أهم مظهر من مظاهر وجود الانسان، هو الذي أعطاه المرتبة العليا التي تميزه عن عالم الحيوان. فبالتفكير يواجه الإنسان كل ما حوله ليكشف فيه ما يساعده على التكيف والبقاء وإنشاء الحضارة. ولقد جعل الله الإنسان خليفته في الأرض وحمله الأمانة الكبرى من أجل أن يحقق مسؤوليته، من خلال التفكير، ويقوم بالتكاليف التي فرضت عليه ضمنا عند قبوله تلك الامانة. قال تعالى:{ إِنَا عَرَضْنَا الاَمَانَةَ عَلَى السَمَوَاتِ وَالَأرْضِ وَالجِبَالِ فأَبينْ ان يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقَنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الِانْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومَا جَهُولًا}[1].

       فالتفكير إذن فطرة، والإسلام دين الفطرة فلا يرفضه، بل يدعوا دائما إلى استعماله وعدم تعطيل طاقته وفسح المجال الواسع أمامه، وليس هناك كتاب سماوي أو غير سماوي، طلب من الإنسان أن يحرك طاقته الفكرية وشجعه على إستعمالها كالقرآن الكريم في مئات من آياته، بصور متنوعة، تدفع إلى التفكير العميق في مصير الكون والحياة والإنسان. وما أكثر ما نجد في القران الكريم الآية " إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتِ لِقَوْمِ يَعْقِلُونَ"[2].

وقد ورد لفظ التفكير ومشتقاته في القران الكريم، في مواضع كثيرة، منها قوله تعالى:{وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، رَبَّنَا مَا خَلَقَتْ هَذَا باَطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[3]. أما دعوته للإنسان للنظر في مظاهر الوجود، فوجوهها كثيرة ومتنوعة، قال تعالى:{اَفَلاَ يَنْظُرُونَ إِلَى الِإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ، وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ، وَإِلَى الجِبَاِل كَيْفَ نُصِبَتِ وَإِلَى الَأرْضَ كَيْفَ سُطِحَتْ، فَذَّكِرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكٍّرْ}[4]. وقال تعالى أيضا:{قُلْ سِيرُوا فِي الَأرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ ُثمَ اللَهَ يُنْشْئُ النَّشْأَة َالاَخِرةَ إِنَّ الَله َعَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ}[5].كما دعا إلى تدبر القرآن لإستنطاقه والوقوف على مقاصده ومعانيه وأحكامه، وهي مرحلة عالية[6]، قال تعالى:{أَفَلاَ يَتدَبَرُونَ القُرْاَنَ أَمْ عَلَى قَلوِبٍ أَقْفَالُهَا}[7].

ومن هذا أخلص إلى أن "التفكير" من أسمى مظاهر وجود الانسان، وهو الذي يميز الإنسان عن سائر المخلوقات ويساعده على الرقي والتكيف وبناء الحضارة، ولقد ورد لفظ "التفكير" في القران الكريم كثيرا، للدلالة على المقصود من إنزال الوحي، هو تدبره وتعقله ، للقيام بالوظيفة الإستخلافية (مهمة العمارة) المنوطة بالإنسان.

§      خصائص الفكر الاسلامي وأهم مقوماته.

       يعتمد الفكر الاسلامي مقومات عدة يقوم عليها تتمثل فيما يلي:

أ-المزاوجة بين المادة والروح:" تتميز ملامح الفكر الاسلامي بالموازنة بين مطالب الروح وحاجات الجسد، والمزواجة بينهما، وتلك هي طبيعة الإنسان، فهو مادة و روح، وغداء الروح فيما نزل الله من وحي، وشرع من هدي ولكي تستقيم الحياة لابد من مادة تتوثب وارتقاء حضاري يتعالى في إطار عقيدة صحيحة وسمو أخلاقي. إن الجهد الانساني يجب أن يبلغ أقصى ماداه في إتجاهين لا بديل عنهما في الحياة الانسانية، هما البناء الحضاري الشامخ والنقاء العقائدي الطاهر، ومن هنا كان المبدأ القرآني{وَابْتَغِ فِيمَا اتَاكَ اللَهَ الدَّارَ الَاخِرَةَ وَلَا تَنْسَى نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اَللهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الفَسَادَ فِي الَأرْضِ إِنَّ الَله لا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ}[8].

ب-عدم إدعاء العصمة: لأن الفكر الإسلامي يعتمد على العقل والإجتهاد فإنه بالتالي يرفض العصمة للنتائج التي ينتهي إليها مادامت هذه النتائج محصلة لجهد عقلي، ومن تم فالنتائج التي يتوصل إليها هذا الفكر محل للقبول أو الرفض، والتصديق أو التكذيب وكل إنسان يؤخذ من كلامه ويترك سوى المعصوم صلى الله عليه وسلم فلا عصمة لمفكر مهما كان علمه أو موقعه وقبول  الناس له، ومهما بلغ من سلامة العقل والصواب الرؤية وغزارة العلم ومتانة الإيمان والورع.

ج-العرف السائد: فالفكر الاسلامي هو في المقام الأول فكر إنساني لا يتنكر لأعراف الناس وتقاليدهم مادامت تلك الأعراف تنسجم مع روح الاسلام وتحترم تعاليمه، ولا تتنكر لها، فقد أقر الإسلام كثيرا من أعراف الجاهلية وتقاليدها بوصفها منسجمة مع مبادئ الإسلام، فليس كل قديم مرفوضا لأنه قديم، ولا كل جديد مستحسنا لأنه جديد، وبهذا اتسع مجال الحضارة الإسلامية لتحتضن شعوبا مختلفة الألسنة، متفاوتة الأعراف والعادات إستظلت كلها براية الإسلام دون أن تجد عنتا ولا مشقة إذ وجدت في مرونة الفكر الإسلامي الذي يرفع عنها الحرج والعنت ويسمح بتعدد الأعراف في إطار وحدة الأمة مالم تتعارض مع جوهر الدين و ثوابته لذلك أحبت تلك الشعوب المختلفة الإسلام، الذي لم يرفض مواريثها المشروعة، فأخلصت له وأعطته أقصى ما لديها من علم وخبرة وكان هذا العامل من أهم أسباب إزدهار الحضارة ودليل رقى الفكر الاسلامي.

د-التلاؤم مع مقتضيات العصر ومتطلبات الفقه الحضاري: الإسلام بالمعنى الخالد هو الذي يجمع بين الأصالة المحافظة على دلالات النصوص الشرعية والمعاصرة المنسجمة مع مراعاة المصالح وذرء المفاسد وفهم الوقائع. وتمتاز النصوص التشريعية في الإسلام بالمرونة والسعة واستيعاب المستجدات والمسائل الطارئة، وهذا يمهد بيسر وسهولة لممارسة الإجتهاد المطلوب على يد أهل الحل والعقد لمجابهة  التحديات وادراك المشكلات، ومحاولة التوفيق بين أهدافها وضغوطها وبين مقاصد الشريعة القائمة على رعاية المصالح العامة ومقاومة الفساد والمضار"[9].

وخلاصة القول أن مقومات الفكر الاسلامي تكمن في المزواجة بين المادة والروح، كون الإنسان بطبعه مادة وروح، كما يعتمد الفكر الاسلامي على العقل والاجتهاد ويرفض العصمة للنتائج التي يتوصل إليها وبالتالي هذه النتائج محل التصديق أو التكذيب، كما أنه يتميز بالمسايرة مع أعراف الناس وتقاليدهم مادامت تلك التقاليد تنسجم مع روح الإسلام، ولا تعترض جوهر الدين وتحترم تعاليمه،  فالإسلام بالمعنى الخالد يتلائم مع مقتضيات العصر ومتطلباته المنسجمة مع مراعاة المصالح وذرء المفاسد.

 ويمتاز الفكر الاسلامي بكثير من الخصائص والصفات النوعية الواضحة التي تميزه عن غيره من الأفكار والنظريات وتمنحه الحيوية والقدرة على الحركة والعطاء والنمو، ومن هذه  الخصائص.

الربانية : "يعتبر الفكر الإسلامي  فكرا ملتزم بمعالم الطريق إلى الله حيث يهدي إلى الله سواء كان سلوكا أو اعتقادا لتنتفي بذلك عنه صفة الهوى وعدم الموضوعية. وهو ليس فكرا مجردا أو هوى بل هو "تفهم وتفقه للشريعة الإسلامية...ففي الدين الحقائق الثابتة والمعاني التي اشترعها الله، كلية أو فرعية على وجه القطع والدوام، ولكن فيه فكر المسلمين الذين يأخذون تلك المعاني بالشرح ويقدمونها دعوة للآخرين أو يتفهمونها لكي يطبقونها في واقع معين"[10]. والربانية خاصية من خصائص الفكر الإسلامي ويستمد منها الفكر الإسلامي قدسيته ومنها تتبلور سائر الخصائص الأخرى "المذكورة" كذلك...فهو تصور اعتقادي موحى به من الله سبحانه ومحصور في هذا المصدر لا يستمد من غيره...وذلك تمييزا له من التصورات الفلسفية التي ينشئها الفكر البشري حول الحقيقة الإلهية أو الحقيقة الكونية أو الحقيقة الإنسانية والارتباطات القائمة بين هذه الحقائق، وتمييزا له كذلك من المعتقدات الوثنية التي تنشئها المشاعر والأخيلة والأوهام والتصورات البشرية...ويستطيع الإنسان أن يقول وهو مطمئن: إن التصور الاسلامي هو التصور الاعتقادي الوحيد الباقي بأصله (الرباني) وحقيقته الربانية"[11]. يستدل سيد قطب على الربانية "بقوله تعالى{قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمِ}[12].

الثبات : "وبما أن الفكر الاسلامي تتصدر خصائصه الربانية فلابد لهذه الربانية أن تجعل من هذا الفكر ثابتا لا تغيره الأهواء ولا تبدله المواقف شأن الفكر البشري. إن خاصية الثبات تظل ملازمة للفكر الاسلامي فثبات المصادر والأصول للفكر الإسلامي هي التي تنعكس على الفكر الإسلامي لتجعله فكرا ثابتا (هناك ثبات في مقومات هذا التصور الأساسية وقيمه ذاتية. فهي لا تتغير ولا تتطور، حينما تتغير ظواهر الحياة الواقعية.                                                                                      

وأشكال الأوضاع العملية...فهذا التغير في ظواهر الحياة وأشكال الأوضاع يظل محكوما بالمقومات والقيم الثابتة لهذا التطور ولا يقتضي هذا تجميد حركة الفكر والحياة ولكن يقتضي السماح لها بالحركة، بل دفعها إلى الحركة ولكن داخل هذا الإطار الثابت وحول هذا المحور الثابت)"[13]. "إن الحقائق الثابتة في الفكر الاسلامي والتي لا تقبل الأخذ والرد وتتمثل في حقيقة وجود الله سبحانه وتعالى، إن الكون بما فيه من خلقه تعالى، حقيقة الإيمان بالله وأركان الإيمان والإسلام وأركانه كل هذه الحقائق هي ثابتة ولا تقبل أي تغيير وتبديل. إن خاصية الثبات هي التي تعصم الفكر الاسلامي من الانحراف وتعصم المسلمين من الانحطاط في المعتقد يقول الله تعالى "فَأَقِمْ وَجْهَكَ للِدِّينَ حَنِيفًا فِطْرَةَ الَلهِ التِّي فَطَرَ النَّاسُ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ"[14].

الشمول: شمول الفكر الاسلامي إنما يعبر عن شمول الاسلام كنظام للحياة، يفي بمتطلبات الحياة في مجال العقيدة والاقتصاد والسياسة والقانون وسائر متطلبات الحياة المجتمعية، هذه المجالات جميعها سيغطيها الفكر الاسلامي (صلح الإسلام أن يكون منهج حياة شاملا متكاملا، منهجا يشمل الإعتقاد في الضمير والتنظيم في الحياة، بدون تعارض بينها، بل في ترابط وتداخل يعز فضله"[15]. ويقول الله تعالى "وَكُلَ شَيءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ"[16].يقول حسن  الترابي في معنى الشمول "ينبغي أن نحدث ثورة في تجديد فقهنا او فكرنا الديني لنستدرك هذه المتأخرات عبر القرون الطويلة ولنضفي روح التدين على كل هذه القطاعات الجديدة من الحياة التي لا حكم اليوم للدين فيها. قد يعلم المرء اليوم كيف يجادل إذا أثيرت الشبهات في حدود الله ولكن المرء لا يعرف اليوم تماما كيف يعبد الله في التجارة أو السياسة أو يعبد الله في الفن كيف تتكون في نفسه النيات العقدية التي تمثل معنى العبادة، ثم لا يعلم كيف يعبر عنها عمليا بدقة"[17].

التوازن: "خاصية التوازن في الفكر الإسلامي هي التي تجعله فكر لا يجنح إلى أحد طرفي النقيض فهي التي توازن بين مصادر المعرفة من وراء الغيب والشهادة بحيث تجعل المسلم لا يشتط في استيعابه لعالمي الغيب والشهادة، وعن طريقها يتوازن المسلم بين الخوف والرجاء فهو كما يقرأ قوله تعالى "وَاتَّقُوا الَلهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَهَ شَدِيدَ العِقَابِ"[18]. وقوله تعالى "إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لرَؤُوفٌ رَحِيمٌ"[19]. عن طريق التوازن أيضا يعبد المسلم ربه بعيدا عن التطرف والرهبانية أو إهمال ما يجب أن يقوم به من تكاليف، ليتخذ بين ذلك طريقا متوازنا يؤدي ما عليه من فرائض وما يستطيع من سنن دون إفراط أو تفريط. ويكون التوازن في الانفاق حيث ينفق المسلم وهو يراعي جانب الإتزان قال تعالى "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةَ إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تُبَسِطْهَا كُلَّ البُسْطٍ فَتَقْعَدْ مَلُومًا مَحْسُورًا"[20]. يأتي التوازن أيضا ضمن خلق الكون والإتساق الذي ينتظم الحياة قال تعالى "مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَانِ مَنْ تَفَاوُتِ"[21].

يذهب حسن الترابي أن الفقه الاسلامي بدأ حيا باتخاذ العقيدة والشريعة أي الباطن بالظاهر واتحاد المعاني والمقاصد مع صور الشعائر والعبادات ولكنه ما لبث أن جنح إلى التطرف دون الآخر إما اهتم بالشكل والمظهر وترك "الجوهر" أو العكس، ووجه التجديد هنا يعني بالضرورة أن يتكامل الإنسجام ويتواصل كما كان . وقد بدأ الفقه الإسلامي فقها حيا تتحد فيه العقيدة والشريعة وتتحد فيه المعاني والمقاصد مع صور الشعائر والعبادات، ولكن ظروف التطور طرأت عليه فأدخلت فيه كثيرا من مظاهر الشكلية وبذلك احتاج تاريخ الفقه الاسلامي وتاريخ الدين ودائما في دوراته إلى حركات التجديد والتقويم. إن وجدته موغلا في الباطنية والعقائدية استدعى الأمر أن يجدد أمره بتكثيف وسائل التعبير عنه لأن النفوس لا يمكن أن تمتلئ بالإيمان دون أن تفيض به في واقع الحياة إشكالا و أعمالا محددة. ولابد للفقهاء من رسم تلك الأشكال والقوالب وعمران واقع الحياة  تعبيرا عن العقيدة التي تعمر بها الصدور"[22].

الواقعية:" تعتبر الواقعية خاصية من خصائص الفكر الاسلامي وأي فكر لا يتفاعل مع الواقع هو بالضرورة فكر مثال، لا مجال له في عالم التطبيق. لذلك كان الفكر الاسلامي "واقعيا يعبر عن الوجود بواقعية على مستوى الكون المرئي، كما أن نظام العبادة هو الآخر واقعي يستطيع البشر ممارسة العبادة خلافا لبعض الشعائر المثالية التي يعجز البشر عن أدائها وإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها "لاَ يُكَلُّفُ الَلهَ نَفْسَا إِلاَّ وُسْعَهَا"[23]. هذه الواقعية لا تقتصر فقط في مجال المحسوس والعبادة المفروضة، بل تتجاوز ذلك حيث أن الخصام بين الواقع الطبيعي والعلم الشرعي لاأصل له بمعايير الإسلام ولابد لنا أن نحرر العلوم الطبيعية ونربطها بالدين رباط العالم بالعلمين معا ومن ثم نستطيع أن نواكب العصر مجددين للدين "فالعلم الطبيعي والعلم الشرعي فرعان من علم الدين ينبغي أن يتناصرا وأن يتحدا ليتوحد العلم كله، ويوجه إلى الله تعالى ويسخر لعبادته فوق الأرض ولكن لما اقتصر علمنا في عصر من العصور على النقل تأخر فينا علم الطبيعة، حتى استيقظنا على صراعات الغزو الفكري الأجنبي، ووردت إلينا علوم الطبيعة اليوم وهي تحمل روحا تجافي الدين، مرده إلى الصراع بين علوم الدين وعلوم الطبيعة أو بين رجال الدين ورجال العلم في أروبا...لا يمكن أن نجتهد إلا إذا تعلمنا علوم الطبيعة كما نتعلم الشريعة وبأدوية الشريعة، ومهما حصل لك من العلم الديني بمعالجات الشريعة وبأدويته السريعة، فلابد من تشخيص المجتمع لتعلم الداء ثم تقدر ما هو الدواء الشرعي المعين الذي يناسب ذلك المجتمع، وذلك يستدعيك أن تدرس المجتمع دراسة إجتماعية  واقتصادية وأن تدرس البيئة الطبيعية دراسة فيزيائية وكيميائية حتى تستطيع أن تحقق الدين بأكمل ما يتيسر لك"[24].

       مما سبق يتضح أن الفكر الإسلامي يتميز بخصائص ومن بين هذه الخصائص خاصية "الربانية" وهي التي يستمد منها الفكر الإسلامي قدسيته ومنها تتبلور سائر الخصائص الأخرى، إلى جانب خاصية "الثبات" وهذه الخاصية تجعله فكرا ثابتا وتظل ملازمة له وتعصمه من الإنحراف، كما أنه يتميز "بالشمول" باعتباره منهجا متكاملا يشمل سائر متطلبات الحياة المجتمعية، بالإضافة إلى خاصية "التوازن" وهذه الأخيرة تميزه بتوازن بين مصادر المعرفة، والتوازن أيضا ضمن خلق الكون والإتساق الذي ينظم الحياة، كما أنه يتميز "بالواقعية " وتكمن هذه الخاصية بتفاعل الفكر مع الواقع باعتباره واقعا يعبر عن الوجود على مستوى الكون المرئي.

 

 



-سورة الأحزاب، الآية 72.[1]

-سورة الرعد، الآية 4.[2]

-سورة ال عمران، الآية 191.[3]

-سورة الغاشية، الآية 17.[4]

سورة العنكبوت، الآية 20.[5]

-تجديد الفكر الاسلامي لمحسن عبد المجيد، ص43-44.[6]

-سورة محمد، الآية 24.[7]

-سورة القصص، الآية 77.[8]

[9]-الفكر الاسلامي رسالة حضارية لحسن أحمد خليل، مجلة منبر الإسلام، العدد (2)، السنة (73)،صفر 1435هـ/ ديسمبر 2013م، ص 36-37.

-قضايا التجديد للترابي، ص81.[10]

-خصائص التصور الاسلامي ومقوماته  لسيد قطب، ص43.[11]

-سورة الأنعام، الآية 161.[12]

-المرجع السابق، ص 72.[13]

-سورة الروم، الآية 30.[14]

-المرجع السابق، ص 109.[15]

-سورة ياسين، الآية 12.[16]

-قضايا التجديد، للترابي، ص96.[17]

-سورة البقرة، الآية 196.[18]

-سورة البقرة، الآية 143.[19]

-سورة الاسراء، الآية 29.[20]

-سورة الملك، الآية 3.[21]

-المرجع السابق، ص91.[22]

-سورة البقرة، الآية 285.[23]

قضايا التجديد للترابي، ص95-[24]

تعليقات