مدخل
الإبستمولوجيا
كلمة إغريقية مركبة من: إبستيمي Episteme (المعرفة)،
(ولوغوسLogos ) (الخطاب العقلي)؛ فالمصطلح
يعني المعرفة العاقلة أو المعرفة العلمية، ومن تعريفاتها: الدراسة النقدية للعلوم
الدقيقة والإنسانية، وكذا تكوين المعرفة العلمية وظروفها، وأيضا هي فرع من الفلسفة
يهتم بدراسة تاريخ العلوم ومناهجها ومبادئها وعلاقاتها المتداخلة. وقد حدد كل من
باشلار (G. Bachlar) وجان بياجيه J. Piaget) ) مهام الإبستمولوجيا في نقاط
يمكننا تلخيصها في:
- التحليل النفسي للمعرفة الموضوعية (تحليل لا شعور
الباحث)؛
- إبراز القيم الإبستمولوجية وتوضيح معنى الاكتشاف
العلمي ودلالته من الناحيتين: "باشلار" الثقافية والنفسية في آن واحد:
- البحث في نشوء المفاهيم والمقولات العلمية وتطورها
وربط الإبستمولوجيا بعلم النفس التكويني عند الطفل؛ "بياجيه"
والإبستمولوجيا الكلاسيكية بالنسبة للعلوم المعرفية هي أحد العلوم المنضوية
تحتها، والعلوم المعرفية بالنسبة إلى الإبستمولوجيا هي أحد العلوم التي تتفحصها،
لكننا سنأخذ الموضوع للأبستمولوجيا، وهذه الأخيرة موضوع للعلوم المعرفية، كما يرى
إدغار موران. ويرى كذلك ضرورة انفتاح الإبستمولوجيا المعقدة، كما سماها على عدد من
المشاكل المعرفية الجوهرية التي أثارها كل من باشلار وبياجيه (بيولوجيا المعرفة،
والترابط بين المنطق وعلم النفس، والذات المعرفية)، وتتجاوز فحص أدوات المعرفة
ذاتها إلى شروط إنتاج تلك الأدوات (الشروط العصبية الدماغية، والشروط الاجتماعية
الثقافية)، وهذه هي معرفة المعرفة عنده.
وقد احتدم
الجدل كثيرا حول مشروعية التجزئة التصنيفية والثنائية الحدّية لتقسيم العلوم إلى
العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية، وكان منشأ الجدل دعوى اختلاف التصورات
الأنطولوجية الخاصة بكل من العالَم الطبيعي وعالَم المجتمع البشري، وسيادة
الاعتقاد بوجود تمايز جوهري بين طبيعة الظواهر الموجودة في هذين العالَمَين، لكن
المناهج المعاصرة[1]
في البحوث الإنسانية التي تطورت واعتمدت الظاهراتية (الفينومينولوجيا) والتأويلية
(الهيرمانوطيقا) وغيرها من أدوات التحليل قد صبغت كثيرا من الفروع التطبيقية في
الإنسانيات بصبغة إمبريقية أساسية لا غنى عنها تتماهى مع أدوات التطبيق والتحليل
في العلوم الطبيعية[2].
فهل الإبستمولوجيا هي نظرية المعرفة؟ هل الإبستمولوجيا
هي فلسفة العلوم؟ هل الإبستمولوجيا هي علم المناهج؟
الإشكالية
التي نعالجها ليس هذه الأسئلة، على اعتبار أن نأخذ الإبستمولوجيا بصفة إجمالية.
الإبستمولوجيا
في نظر الأستاذ الدكتور عبد الرحمان العضراوي أعم من نظرية المعرفة، وأعم من علم
المناهج، وأعم من فلسفة العلوم[3].
ممكن أن
ننظر إلى هذه الإشكالية من نموذجين:
محمد عابد الجابري: كتاب "مدخل إلى فلسفة
العلوم"، محمد وقيدي: كتاب "ماهي الإبستمولوجيا؟".
الإبستمولوجيا ونظرية المعرفة
يرى محمد عابد الجابري
في كتابه "مدخل إلى فلسفة العلوم" أن نظرية المعرفة تختص بالبحث في
امكانية قيام معرفة ما عن الوجود بمختلف أشكاله ومظاهره. وإذا كانت المعرفة ممكنة،
فما أدواتها، وما حدودها، وما قيمتها؟ من البحث في هذه القضايا وأمثالها، تفرعت
المذاهب الفلسفية المعروفة، وبغض النظر عن مذهب الشك الذي لا يمكن الدفاع عنه، رغم
حجج الشكاك القدامى والمحدثين، فإن المذاهب الرئيسية في مشكلة المعرفة هي التالية:
المذهب العقلي الذي يرى أن العقل هو الوسيلة الوحيدة للمعرفة اليقينية، المذهب
الحسي أو التجريبي الذي يرجع المعرفة كلها إلى ما تمدنا به الحواس، باعتبار أن
العقل «صفحة بيضاء»
ليس فيه إلا ما تنقله إليه الحواس، والمذهب الحدسي الذي
يذهب إلى أن الحدس هو الطريق الصحيح للمعرفة.
وقد بين
الجابري أن هناك وشائج من القرب متينة بين الإبستمولوجيا والفلسفة بكيفية عامة،
وبينها وبين نظرية المعرفة بكيفية خاصة، وإن كان كثير من الباحثين المعاصرين يرون
ضرورة التمييز بينهما استناداً إلى أن الابستمولوجيا تهتم بالمعرفة العلمية وحدها،
في حين تتناول نظرية المعرفة بشكلها التقليدي المعروف، أنواع المعارف كلها[4].
قد خلص
الجابري إلى أن هناك اتصال وانفصال بين نظرية المعرفة بمعناها الفلسفي العام، وبين
الابستمولوجيا بمعناها «
الدقيق الخاص» وكان من نتائج القطيعة حسب الجابري أن أصبحت الإبستمولوجيا من
اختصاص العلماء، بينما بقيت نظرية المعرفة بمشاكلها التقليدية من مشاغل الفلاسفة
ودارسي الفلسفة[5].
وفي طرح مخالف
لما تناوله الجابري يقول الدكتور محمد وقيدي في كتابه "ماهي
الإبستمولوجيا"، أن الإبستمولوجيا ليست استمرارا لنظرية المعرفة،
فالإبستمولوجي يحاول أساساً أن يجعل من خطاب حول العلم خطاباً مستقلاً عن الأهداف
المتباينة للأنساق الفلسفية. إن الخطاب الابستمولوجي لا يريد أن يجعل نفسه، كما
يرى ذلك باشلار، في مواجهة الأنساق الفلسفية في نسقيتها، أي من حيث هي مذهب متماسك
ينتدب نفسه لإنجاز غايات فلسفية معينة، إن الخطاب الابستمولوجي يريد أن يستفيد من
الأنساق الفلسفية في الحالة التي يستطيع فيها أن يواجه هذه الأنساق مجزأة فيأخذ
عنها المقولات التي يراها ضرورية لتحليل الفكر العلمي.
فالابستمولوجيا
ليست نظرية في المعرفة لأنها تحاول ألا ترتبط مثل نظرية المعرفة بالأهداف العامة
لنسق فلسفي ما. ومن جهة أخرى فإن الابستمولوجيا ليست جزءاً من نظرية المعرفة خاص
بالبحث في المعرفة العلمية. ذلك لأن الاختلاف الأساسي بين نظرية المعرفة
والابستمولوجيا أنه لا هدف للابستمولوجي في بناء نظرية عامة في المعرفة.
يتناول
الخطاب الابستمولوجي التفكير العلمي في مرحلة تاريخية من مراحل تطوره، ويريد هذا
الخطاب أن يظل على وعي بتاريخه ونسبيته، وألا يقع في خطأ التعميم الواهم للنتائج
المحصلة من هذا التحليل التاريخي والنسبي، إن الخطاب الابستمولوجي إذ يتعلق بالقيم
المعرفية لفترة تاريخية معينة من نمو المعارف الانسانية لا يريد أن يقع في خطإ
إضفاء صبغة الاطلاق على هذه القيم المعرفية.
وقد خلص
محمد وقيدي إلى أن الابستمولوجيا ليست استمرارا لنظرية المعرفة الكلاسيكية ولا هي
جزء منها يتخصص في البحث في المعرفة في مجال معين هو العلم. إن ما تهدف إليه
الابستمولوجيا هو أن تكون ضمن صورة العلاقة الجديدة بين الفلسفة والعلم البديل عن
نظرية المعرفة الكلاسيكية[6].
في الرؤية
الإسلامية لا انفصال بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية، وسنعتمد هذه
الإبستمولوجيا في القراءات الثلاث (قراءة الإنسان وقراءة الوحي وقراءة الكون)، هذا
المجموع هو الذي ننظر في الإبستمولوجيا على عكس ما يذهب إليه طه جابر العلواني،
وما يقول به الحاج حمد وغيرهما (الجمع بين القراءات)، الأستاذ الدكتور عبد الرحمان
العضراوي يقول الجمع بين القراءات الثلاث (الإنسان، الوحي، الكون).
الرؤية القرآنية شيء آخر، والمنهج القرآني حينما
نتأمله يجمع بين أن العلوم الطبيعية تتأثر بالعلوم الإنسانية والعلوم الإنسانية
تتأثر بالعلوم الطبيعية، وبالتالي لا يمكن أن نقول على أن العلوم الإنسانية تفتقد
علميتها من منظور الوضعية، التي تريد أن تقول لا يمكن أن ينتج العلم إلا في الحس[7].
الإبستمولوجيا والميتودولوجيا
يرى محمد عابد الجابري
أن الإبستمولوجيا أعم وأعمق من الميتودولوجيا التي هي علم المناهج، أي مناهج
العلوم.
وبما أن
العلوم تتمايز بموضوعاتها، فهي تختلف كذلك بمناهجها، ولذلك لا يمكن الحديث عن
منهاج عام للعلوم، للكشف عن الحقيقة في كل ميدان، بل فقط عن مناهج علمية، إن لكل
علم منهاجه الخاص تفرضه طبيعة موضوعه.
والميتودولوجيا حسب الجابري لاحقة للعمل العلمي وليست سابقة عليه، بمعنى أن
المختص في علم المناهج فيلسوفا كان أو عالماً لا يرسم للباحث الطريق التي يجب أن
يسلكها، بل إنه بالعكس من ذلك، يتعقبه ويلاحق خطواته الفكرية والعملية: يصفها
ويحللها ويصنفها، وقد يناقش وينتقد كل ذلك من أجل صياغتها صياغة نظرية منطقية قد
تفيد العالم بحثه، وتجعله أكثر وعياً لطبيعة عمله. وكما يقول «كلود برنار»: فإن العمليات المنهجية وطرق البحث العلمي «لا
تتعلم إلا في المختبرات، حينما يكون العالم أمام مشاكل الطبيعة وجهاً لوجه،
يصارعها ويشتبك معها. فإلى هنا يجب توجيه الباحث المبتدئ أولا. أما البحث الوثائقي
والنقد العلمي فهما من شأن الرجال الناضجين، ولا يمكن أن يثمرا إلا بعد البدء في
التدريب محل العلم وتحصيله في معبده الحقيقي، أي في المختبر العلمي».
يقول الجابري إذا كانت الإبستمولوجيا
تتناول بالدرس والنقد مبادئ العلوم وفروضها ونتائجها لتحديد قيمتها وحصيلتها
الموضوعية، فإن الميتودووجيا تقتصر في الغالب على دراسة المناهج العلمية، دراسة
وصفية تحليلية، لبيان مراحل عملية الكشف العلمي، وطبيعة العلاقة التي تقوم بين
الفكر والواقع خلال هذه العملية. هناك إذن فرق بينهما في مستوى التحيل: إن مستوى
التحليل في الميتودولوجيا، علاوة على كونها تتناول كل علم على حدة، مقصور في
الغالب على الدراسة الوصفية، في حين أن الإبستمولوجيا، فضلا عن طموحها إلى أن تكون
نظرية عامة في العلوم، ترتفع إلى مستوى أعلى من التحليل، مستوى البحث النقدي الرامي
إلى استخلاص الفلسفة التي ينطوي عليها، ضمنياً، التفكير العلمي. إن من جملة
المسائل التي تتناولها بالنقد، المناهج العلمية ذاتها، تبحث عن ثغراتها وتعمل على
معالجتها. وكما يقول «جان بياجي»، فإن التفكير الإبستمولوجي يولد دائما بسبب «أزمات»
هذا العلم أو ذاك، أزمات تنشأ بسبب خطأ في[8]
المناهج السابقة وتعالج باكتشاف مناهج جديدة» وبالتالي يقول الجابري: «إن
الإبستمولوجيا هي ميتودولوجيا من الدرجة الثانية».
تجاوز وقيدي الجابري ليقول أن
الإبستمولوجيا ليست دراسة خاصة لمناهج العلوم، لأن هذه الدراسة موضوع للميثودولوجيا
وهي جزء من المنطق، كما أنها ليست أيضا تركيبا أو توقعا حدسيا للقوانين العلمية
(على الطريقة الوضعية)، إنها بصفة جوهرية الدراسة النقدية للمبادئ والفرضيات
والنتائج العلمية، الدراسة الهادفة إلى بيان أصلها (المنطقي لا النفسي) وقيمتها
الموضوعية[9].
الإبستمولوجيا وفلسفة العلوم
«فلسفة العلوم» حسب الجابري مصطلح غامض
عائم فكل تفكير في العلم، أو في أي جانب من جوانبه، في مبادئه أو فروضه أو قوانينه
في نتائجه الفلسفية أو قيمته المنطقية والأخلاقية، هو بشكل أو بآخر «فلسفة للعلم». وحسب رأي مؤلفين أمريكيين معاصرين، يمكن
التفلسف في العلم، من وجوه أربعة:
- دراسة علاقات العلم بكل
من العالم والمجتمع، أي العلم من حيث هو ظاهرة اجتماعية.
- محاولة وضع العلم في
المكان الخاص به ضمن مجموع القيم الانسانية.
- الرغبة في تشييد فلسفة
للطبيعة انطلاقاً من نتائج العلم.
- التحليل المنطقي للغة
العلمية[10].
1- وجهة النظر الوضعية
أ- وضعية أوغست كونت
لقد اهتم أوغست
كونت بتصنيف العلوم اهتماماً بالغاً، فرتبها حسب درجتها من التعميم والتجريد
نزولاً، ومقدار تعقيدها وتشابكها صعوداً، إلى ستة أصناف: الرياضيات، الفلك،
الفيزياء، الكيمياء، البيولوجيا، السوسيولوجيا، أما بقية العلوم في نظره مجرد
تطبيق لعلم آخر[11]،
وبالتالي فإن فلسفة العلوم في تصور أوغست كونت، هي عبارة عن: «نظرة وحيدة تركيبية معاً، يلقيها المرء على جميع
العلوم، وعلى القوانين التي تكشف عنها، والمناهج التي تستخدمها، والغايات التي يجب
أن تسعى إليها»[12].
ب- الوضعية الجديدة
يرى أرنست
ماخ أن الطبيعة بالنسبة إلى الإنسان، هي جملة العناصر التي تقدمها له حواسه، ومن
ثمة فإن المصدر الوحيد للمعرفة هو الإحساس، وبناء على ذلك يقرر ماخ أن العناصر
الحقيقية للعالم، ليست الأشياء بل، إنها الألوان والأصوات والضغوط اللمسية
والأمكنة والأزمنة، وبكلمة واحدة ما نسميه الإحساسات، وتدعى هذه الوضعية أحياناً
بالوضعية الجديدة وأحياناً أخرى بالتجريبية العلمية والغالب عليها التجريبية
المنطقية.
هناك
نوعان من المعارف المشروعة: معارف ترتبط بصور الفكر ومنشآت اللغة، ومعارف ترتبط
بظواهر الواقع ومعطيات التجربة[13]، ويوضح
الجابري أن ما تدعوا إليه الوضعية المنطقية هو قصر التفكير الفلسفي على فحص اللغة
التي تعبر بها العلوم، فحصاً منطقياً صارماً، حتى يمكن تطهيرها من تلك التأكيدات
الميتافيزيقية التي قد تتسرب إلى المعرفة العلمية بواسطة اللغة العادية التي لا
مناص من استعمالها، إن الوضعية الجديدة تنفي نفياً قاطعاً، امكان قيام «فلسفة للعلوم» يكون هدفها تشييد نظرية، أو فلسفة في
الطبيعة والكون والإنسان[14].
2- وجهة النظر التطورية
أ- تطورية هربرت سبنسر
ترى النزعة التطورية في معناها العام، أن الوجود الواقعي، بمختلف أنواعه
وأشكاله، من العالم اللاعضوي، إلى العالم العضوي، فعالم الفكر والمؤسسات
الانسانية، يخضع لقانون واحد شامل، هو قانون التطور. وبالتالي فإنه من الممكن
دوماً تفسير الأشكال العليا من الواقع بالتطور الذي يلحق الأشكال الدنيا منه، وهو
يرى أنه من غير الممكن أن يحصل الانسان على معرفة ما خارج ميدان الظواهر، فإنه
يختلف عنهم في كونه يعتقد أن «مجال العلوم هذا، يدلنا على وجود مجال آخر، هو «مجال
المجهول»، الذي يتجاوز إدراكاتنا، لأنه مجال المطلق. وبالتالي فإن الخوض فيه ليس
من اختصاص العلم أو الفلسفة (هو ينكر الميتافيزيقيا)، بل من اختصاص الدين. وهكذا
يعتقد سبنسر أن النزاع بين الدين والفلسفة ناتج من عدم الفصل بين ميدان الواحد
منهما وميدان الآخر، إذ كثيراً ما يراد للعلم أن يحل مشاكل لا تحل إلا بالدين، كما
أنه كثيراً ما يقحم الدين في مسائل هي من اختصاص العلم. أما عندما يحصر العلم في
مجاله، والدين في ميدانه، فإنهما يتفقان ولا يختصمان[15].
ب- المادية الجدلية
لم تكتسب النزعة التطورية طابعها العلمي
الفلسفي العقائدي إلا مع المادية الجدلية التي أنشأت نظرية كاملة عن الكون
والانسان، تحتل فيها فكرة التطور مركزاً أساسياً، والمقصود هنا هو التطور الديالكتيكي
القائم على صراع الأضداد. بينما ترى الكشوف الفيزيائية بأن الأضداد لا تتصارع
دائما، بل تفرض نفسها كحقائق يجب الأخذ بها على الرغم من تناقضها، لأن كلا منهما
يعكس أو يعبر عن جانب من الحقيقة[16].
يقول محمد وقيدي ليس كل تفكير
فلسفي في العلم يمكن أن يعتبر ابستمولوجيا، ذلك أن علاقة التفكير الفلسفي بالعلم،
قد اتخذت من تاريخهما صورا لا يمكن ان نقر لها جميعا بالاتفاق مع الاهداف التي
يمكن أن يسعى إليها التفكير الابستمولوجي المعاصر.
فالتفكير
الابستمولوجي ليس بناء لنظرية ميتافيزيقية بناء على ما يثيره علم معين أو علم فترة
تاريخية من مشاكل، ذات طبيعة فلسفية. وذلك لأن الأمر لا يتعلق في الابستمولوجيا
باستغلال نتائج العلم من أجل بناء نظرية فلسفية خارج العلم.
والتفكير الابستمولوجي ليس من ناحية اخرى بناء
لنظرية عامة في المعرفة انطلاقا من علم فترة تاريخية معينة، وهذا لأن هذه النظرية
ستصبح متجاوزة بالضرورة.
والتفكير الابستمولوجي لا يتمثل أخيرا في الفلسفات التي
حاولت أن تضع حدودا للعلم لإفساح المكان لقيام مشروعية معرفة أخرى تعتبر في نظر
تلك الفلسفات أسمى من المعرفة العلمية.
في كل تاريخ العلم والفلسفة، وحيث أن هذين النمطين من
المعرفة كان دائما مترابطين، فإن العلاقة بين الفلسفة والعلم قد اتخذت في الغالب
عن الفلسفات المثالية صورة محاولة لاحتواء النتائج العلمية وإدماجها في الاهداف
العامة للأنساق الفلسفية. وكما يؤكد «ألتوسير» فإن الغالبية العظمى من الفلسفات قد
استغلت العلوم لأهداف تبريرية تخرج عن أهداف الممارسة العلمية. فسواء كانت هذه
الفلسفات دينية أو روحانية أو مثالية فإنها تدخل باستمرار في علاقة استغلال مع
النتائج العلمية. وهذا يعني أن العلوم لا تكون بالنسبة لهذه الفلسفات ماهي عليه في
حقيقتها، ولكنها تبدوا سواء من حيث وجودها أو حدودها أو صعوبات نموها خاضعة، ضمن
التأويل الفلسفي، لاستخدامات خارجية تريد أن تستغل العلوم للتدليل على بعض القيم الخارجة
عن مجال العلم أو لإعطاء بعض الضمانات عن تلك القيم، وحيث أنه يوجد صراع نظري داخل
مجال الفلسفة، فإن النتائج العلمية تخضع للتأويلات المختلفة التي تدل عليها وجهات
النظر الفلسفية المختلفة وما تعكسه من إيديولوجيات عملية[17].
الإبستمولوجيا وتاريخ العلوم
يقول الجابري ما سبق يقود إلى طرح العلاقة
بين الإبستمولوجيا وتاريخ العلوم، وهي علاقة متشابكة متداخلة، ولكن ماذا نقصد
بتاريخ العلم هنا، وماهي أكثر أنواع تاريخ العلوم التصاقاً بالإبستمولوجيا؟
يقول بيير بوترو: «إن تاريخ
العلوم، المدروس بشكل ملائم، يزيد من حظوظنا في اكتشاف أسس التفكير العلمي
واتجاهاته»، إنه المقدمة الطبيعية لفلسفة العلوم».
يميز بيير بوتر بين أربعة أنواع من تاريخ
العلم:
1- البحث الوثائقي: جمع
النصوص المتعلقة بمنهجية العلماء القدامى منهم والمحدثين، وغني عن البيان القول
بأن هذا البحث الوثائقي عمل تمهيدي لتاريخ العلم، هدفه جمع الوسائل الضرورية لبناء
تاريخ العلم المطلوب.
2- العمل الذي يقوم به
الشخص الذي يجمع سلسلة النظريات والفروض العلمية التي وضعها العلماء خلال مختلف
العصور وإلقاء الضوء عليها.
3- مفهوم آخر لتاريخ العلم
جد شائع، وهو التاريخ الذي يهتم بالبحث عن «وطن» للاكتشافات العلمية الكبرى.
والمهم بالنسبة إلى البحث الإبستمولوجي هو
معرفة كيف أصبحت هذه الملاحظة أو ذاك الاكتشاف جزءاً من بنية فكرية جديدة، أو
عضواً أساسياً من عناصرها[18]،
فالمهم هو النظر إلى التطورات العلمية في سياقها التاريخي بقطع الظر عن الأشخاص
والأوطان.
4- التاريخ الذي يساعد على
تبين أسس الفكر العلمي والذي يعتمد المنهج التاريخي النقدي، ويهدف إلى دراسة
التيارات الكبرى للفكر العلمي، مع إعطاء كل ظاهرة أو اكتشاف مكانه في هذه التيارات
ناظراً إليه من زاوية الطريقة التي تم بها هذا الاكتشاف والدلالة التي يكتسبها
بالنسبة إلى الأبحاث التي تليه.
ما يهم الابستمولوجيا من تاريخ العلوم هو
تطور المفاهيم وطرق التفكير العلمية، وما ينشأ عن ذلك من قيام نظريات معرفية
جديدة.
يقول محمد عابد الجابري ولما كانت القطيعة
الإبستمولوجية، بهذا المعنى، خاصية نوعية لتطور العلوم، أي لما كان ما قبل القطيعة
وما بعدها يختلفان جذرياً أحدهما عن الآخر، فإن تاريخ العلوم يصبح حينئذ عبارة عن
سلسلة من «الحقائق» و «الأخطاء» المتعاقبة، أو كما قال كاستون باشلار «إن تاريخ
العلم هو أخطاء العلم»، ويرى سوشودولسكي أن العلم ليس تاريخاً للحقيقة، إذ لا وجود
لتاريخ الحقيقة.
ومن هنا كان من الضروري أن يهتم تاريخ
العلم بالتعايش (الالتقاء والاتصال) الديالكتيكي للصواب والخطأ، أي لا بد له من
الاهتمام بمسلسل التطور والنمو الذي تنشأ في الحقائق انطلاقاً من الأخطاء، تلك
الحقائق التي تصبح بدورها أخطاء تدفع إلى صياغة حقائق جديدة.
ولكن كيف يمكن أن يكون تاريخ العلم لا
تاريخاً ل «الحقيقة»، ولا تاريخاً ل «الخطأ» بل تاريخ هذا وذاك معاً؟ عن هذا
السؤال يجيب سوشودولسكي قائلاً: هذا ممكن إذا سلمنا بأن تاريخ العلم ليس هو تاريخ
الآراء والنظريات العلمية، ولكن تاريخ النشاط العلمي الذي يمارسه الناس، وتاريخ
وعيهم المرتبط بهذا النشاط[19].
من هذه الوجهة من النظر يصبح تاريخ العلم هو، في آن
واحد، تاريخ النشاط المعرفي للإنسان وتاريخ وعيه.
هناك
من يقول بأنه ينبغي القطيعة مع التراث، لا إذا لم تكن هناك قطيعة ابستمولوجيا لا
يمكن أن تتطور كما ذهب إلى هذا عبد الله العروي.
أثبتت المعرفة، أن تاريخ العلوم لا بد
منه، إذن القطيعة لا يمكن أن تحدث، وإن شئت أن تقطع لا يمكن أن تقطع، لأن هذه القطيعة مرتبطة بالهوية/
بالمعنى/ بالإنسان/ بالتاريخ، لا يمكن إلا أن تفصح عن ذاتك وعن هويتك دون أن تدري،
لذلك هناك قضايا لا يمكن أن تنفصل عنها مطلقا[20].
طبيعة البحث الإبستمولوجي وحدوده ومسألة المنهج
يذهب
الجابري إلى أن علاقة الابستمولوجيا بالدراسات والأبحاث المعرفية الأخرى (نظرية
المعرفة، الميتودولوجيا، فلسفة العلوم، تاريخ العلوم)، وتبين من خلال ذلك مدى
الاختلاف السائد في هذا الميدان بين المهتمين بهذا النوع من الدراسات والأبحاث، وهو
اختلاف يرجع أساساً إلى اختلاف المنطلقات والمفاهيم والنظريات التي يتبناها هذا
الباحث أو ذاك، مما يضفي على الأبحاث الإبستمولوجية المعاصرة طابعاً ايديولوجياً
واضحاً.
وتركز المناقشات السابقة حول ثلاث نقاط
أساسية، الأولى تتعلق بطبيعة البحث الابستمولوجي، والثانية بحدوده، والثالثة
تتناول مسألة المنهج:
1- طبيعة البحث
الإبستمولوجي أينتمي إلى عالم العلم، أم إلى عالم الفلسفة؟ هناك من يرغب في قطع كل
علاقة بين الإبستمولوجيا والفلسفة.
استنادا إلى أن المعرفة العلمية هي وحدها
المعرفة الحقيقية، وأن استقلال العلوم عن الفلسفة استقلالاً تاماً ومنذ عهد طويل،
أصبح يستلزم حذف مصطلح «فلسفة العلوم» من القاموس الإبستمولوجي حتى لا يختلط الأمر
بفلسفات العلوم القديمة ك «فلسفة الطبيعة» أو «فلسفة الحياة» أو «فلسفة التاريخ»،
فالإبستمولوجيا في نظر هؤلاء لا يمكن أن تصبح علماً، إلا إذا تحررت نهائياً من
جذورها الفلسفية والتزمت الموضوعية التامة، وارتكزت على المنهاج العلمي ذاته،
المنهاج الذي يقوم أساساً على المراجعة والاختبار والتحقيق.
إن هذا الاتجاه، اتجاه وضعي تماماً، ينتمي
بشكل أو بآخر إلى التجريبية المنطقية التي تقتصر مجال البحث الإبستمولوجي في لغة
العلم.
وإلى جانب هذه النزعة الوضعية المنطقية
المنتشرة في البلاد الانكلوسكونية خاصة تقوم اتجاهات ابستمولوجية أخرى تريد أن
تجعل من الإبستمولوجيا بكيفية أو بأخرى، البديل العلمي للفلسفة التقليدية، أو على
الأقل النظرية العلمية المشروعة في المعرفة[21].
2- أما بخصوص حدود البحث
الإبستمولوجي وفي إطار هذه النزعة الوضعية ذاتها، فيمكن التمييز بين اتجاه ضيق
مغلق، واتجاه مرن متفتح، بين دعاة الإبستمولوجيا الخاصة (أو الداخلية) وبين أنصار
الإبستمولوجيا العامة.
إن أصحاب الاتجاه الأول ينطلقون في الغالب
من كون القضايا والمشاكل المبدئية أو المنهجية، التي تخص علماً من العلوم، قد لا
تختص بالضرورة علماً آخر، فكأن الإبستمولوجيا في نظرهم لا تختلف عن الميتودولوجيا
إلا بقدر ما يكون التحليل أكثر عمقاً والنقد أكثر صرامة.
أما أصحاب الإبستمولوجيا العامة فهم يرون
أن هذه النزعة العلمية الضيقة لا بد أن تصطدم بمشاكل تفرض عليها توسيع دائرتها،
فالمشاكل التي تعترض علماً من العلوم، كثيراً ما تكون هي نفسها التي تعترض علماً
آخر، علاوة على أن العلوم نفسها متداخلة متشابكة تقوم بينها علاقة لا يمكن
تجاهلها، بل إن الاتجاه السائد، الاتجاه الذي يفرض نفسه، هو التركيز على وحدة
العلوم وتوقف بعضها على بعض.
3- هناك اختلاف آخر بين
الباحثين الابستمولوجيين حول نوعية التحليل (أي اختلاف حول المنهج)، ذلك أنه لما
كانت الإبستمولوجيا هي بالتعريف دراسة مبادئ العلوم وفروضها ونتائجها... دراسة
نقدية... فإن الدراسة يمكن أن تتناول العلوم، كما هي في مرحلة ما من مراحل تطورها،
أي دون النظر إلى تاريخها، كما يمكن أن تتناولها من خلال سياقها التاريخي، التطوري، فنكون أمام نوعين من
الدراسة: الدراسة سانكرونية قائمة على التزامن ودراسة دياكرونية قائمة على التطور،
وبعبارة بياجي، يمكن التمييز بين منهج التحليل المباشر ومنهج التحليل التكويني.
والإبستمولوجيا التي
تريد أن تكون نظرية علمية في المعرفة لابد لها من تاريخ العلم، تدرسه، لا لذاته،
كما يفعل المؤرخ، بل من أجل الاسترشاد به والاستفادة منه في فهم المشاكل المطروحة
في الحاضر، لأن الجديد لا يفهم إلا بالمقارنة مع القديم، والحاضر لا يتصور إلا
بالماضي.
تعريف الإبستمولوجيا من خلال علاقتها
بالمباحث الفلسفية المعرفية الأخرى عند المؤلف: تلك الأبحاث المعرفية منظوراً
إليها من زاوية معاصرة، أي من خلال المرحلة الراهنة لتطور الفكر العلمي الفلسفي،
إنها علم المعرفة، فهي العلم الذي يهتم بدراسة العلاقة بين الذات والموضوع.
إن هذا التأثير المتبادل والمستمر بين
الذات والموضوع يجعل العلاقة بينهما وبالتالي المعرفة عبارة عن عملية تاريخية
متسلسلة، تتطور وتنمو بتطور ونمو وعي الانسان من خلال نشاطاته المختلفة، وفي
مقدمتها نشاطه العلمي[22].
وموضوعها:
فحص عملية
البناء نفسها بتتبع مراحلها، ونقد أساسها، وبيان مدى ترابط أجزائها، ومحاولة الكشف
عن ثوابتها، وصياغتها صياغة تعميمية، محاولة استباق نتائجها.
ويخلص الجابري مدى ارتباط الابستمولوجيا بالأبحاث المعرفية، ومدى تميزها
عنها في آن واحد؛ فهي مرتبطة بالمنطق حيث تهتم بصورة المعرفة ومادتها معاً،
وبالميتودلوجيا من حيث انها تتناول مناهج العلوم، ولكن لا من الزاوية الوصفية
التحليلية وحسب بل أيضاً وبالأخص من زاوية نقدية وتركيبية، وبنظرية المعرفة من
زاوية فحص المعرفة العلمية والتفكير العلمي فحصاً علمياً ونقدياً قوامه الاستقراء
والاستنتاج معاً، وبتاريخ العلوم من زاوية كونه مسلسلاً لنمو الفاعلية البشرية
الفكرية خاصة، تلك الفاعلة التي هي عبارة عن تحقق امكانيات الذات في فهم العالم
وتغيره، وبالتالي تحقق امكانيات وعي الذات بنفسها وبقدراتها وحدودها.
إنها إذن فلسفة للعلم، تتلون
بلون المرحلة التي يجتازها العلم في سياق تطوره وتقدمه، ومن هنا طابعها العلمي،
وبلون الفلسفات التي تقوم خلال كل مرحلة، أو عقبها مباشرة، والتي تحاول كل منها
استغلال العلم لفائدتها، ومن هنا طابعها الايديولوجي، باعتبار أن الفلسفة هي
الصيغة الايديولوجية الرئيسية التي تعكس بشكل مجرد، روح العصر وطبيعة الأوضاع
العامة السائدة فيه[23].
إشكالية المعرفة بين الذات والموضوع:
1- هناك من يقول أن الذات هي
التي تنتج.
2- وهناك المادية تقول أن
الموضوع هو الذي ينتج والذات لا علاقة لها بالمعرفة، بل المجتمع هو الذي يفرض على
الذات ما تقوم به.
ونحن نقول لا الذاتية ولا الموضوعية،
وإنما نقول بالتفاعل بينهما، وفي القرآن الكريم هذه التفاعلية، نحن نتعبد الله عز
وجل بالنظر، نحن نتعبد بالعلوم الطبيعية (النظر إلى كل ما في الكون من فيزياء
وكمياء ورياضيات...)
هذا التقسيم لهذه العلوم انطلاقا من
الوضعية خلق آفة في بناء الإنسان، هذه العلوم ينبغي أن نأخذ منها أقساط تقنية
وأقساط نظرية، ليكون الإنسان في رؤيته رؤية متكاملة مكتملة[24].
وختاما
يمكن القول أن الإبستمولوجيا أقوى من فلسفة العلوم ومن المناهج... تستطيع أن
تعطينا هذا النوع من دراسة المبادئ ودراسة المناهج لا من النظرية الألمانية ولا
الفرنسية، وبالتالي يبقى هذا السؤال في علاقة الإبستمولوجيا بالإيديولوجيا سؤال
مشروع وعلمي يحتاج إلى التحليل وإلى النظر.
- [1] عبد الرحمان محمد طعمة، الإبستمولوجيا التكوينية للعلوم: مقاربة
بينية للنموذج اللساني المعاصر، مجلة فصلية محكمة تعنى بالقضايا الثقافية والعلمية
للغة العربية، العدد الثامن والثلاثون- الثلاثي الرابع 2017، ص: 13- 14.
[2] - نفسه، ص: 15.
[3] - محاضرات الدكتور عبد الرحمان العضراوي، ماستر العلوم
الإسلامية والعلوم الإنسانية تكامل المناهج والمعارف، الموسم الجامعي: 2020- 2021.
[4] - محمد عابد الجابري، مدخل إلى
فلسفة العلوم العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي، مركز دراسات الوحدة العربية،
الطبعة الأولى، بيروت، الدار البيضاء
1976، ص: 20- 21.
[5] - محمد عابد الجابري، مدخل إلى
فلسفة العلوم العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي، ص: 22.
[6] - محمد وقيدي، ماهي الإبستمولوجيا،
مكتبة المعارف، الطبعة الثانية، ص: 85- 86.
[7] - محاضرات الدكتور عبد الرحمان العضراوي، ماستر العلوم
الإسلامية والعلوم الإنسانية تكامل المناهج والمعارف، الموسم الجامعي: 2020- 2021.
[8] - محمد عابد الجابري، مدخل إلى
فلسفة العلوم العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي، ص: 22- 23.
[9] - محمد وقيدي، ماهي الإبستمولوجيا،
ص: 8.
[10] - محمد عابد الجابري، مدخل إلى
فلسفة العلوم العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي، ص: 24.
[11] - محمد عابد الجابري، مدخل إلى
فلسفة العلوم العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي، ص: 25.
[12] - نفسه، ص: 26.
[13] - نفسه، ص: 27- 28.
[14] - نفسه، 29- 30.
[15] - محمد عابد الجابري، مدخل إلى
فلسفة العلوم العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي، ص: 30- 31.
[16] - نفسه، ص:
31.
[17] - محمد وقيدي، ماهي الإبستمولوجيا، ص: 30- 31.
[18] - محمد عابد الجابري، مدخل إلى
فلسفة العلوم العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي، ص: 40- 41.
[19] - محمد عابد الجابري، مدخل إلى
فلسفة العلوم العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي، ص: 42- 43.
[20] - محاضرات
الدكتور عبد الرحمان العضراوي، ماستر العلوم الإسلامية والعلوم الإنسانية تكامل
المناهج والمعارف، الموسم الجامعي: 2020- 2021.
[21] - محمد عابد الجابري، مدخل إلى
فلسفة العلوم العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي، ص: 44- 45.
[22] - محمد عابد الجابري، مدخل إلى
فلسفة العلوم العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمي، ص: 46- 47.
[23] - محمد عابد الجابري، مدخل إلى فلسفة العلوم العقلانية
المعاصرة وتطور الفكر العلمي، ص: 48.
[24] - محاضرات الدكتور عبد الرحمان
العضراوي، ماستر العلوم الإسلامية والعلوم الإنسانية تكامل المناهج والمعارف،
الموسم الجامعي: 2020- 2021.