أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

قراءة في كتاب: فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال لابن رشد



قراءة في كتاب: فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال لابن رشد


التعريف بصاحب الكتاب:

                                              ابن رشد     

520-595ه/1126- 1198م

       هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد، ولد في قرطبة  (في الأندلس) في بيت اشتهر بالعلم والفقه: فكان جده من أشهر أهل زمانه تضلعاً في الفقه، وقد ولى منصب قاضي القضاة في الأندلس وكان والده قاضي قرطبة.

       درس ابن رشد الشريعة على الطريقة الأشعرية، والفقه على المذهب المالكي. ثم درس الطب والرياضيات والحكمة. وفي عام 547ه/ 1153م دعاه عبد المؤمن، أول الملوك الموحدين إلى مراكش ليعاونه على إنشاء معاهد العلم هناك. ثم اتصل بأبناء زُهر، من مشاهير الأطباء. ووضع ابن رشد كتابا في الطب أسماه «الكليات». وفي مراكش اتصل عن طريق ابن طفيل، بالخليفة أبي يعقوب يوسف عبد المؤمن، الذي كان ذا ثقافة واسعة ومحباً للعلم وأهله . وكان هذا الخليفة قد أظهر رغبة أمام ابن طفيل في أن تفسر كتب أرسطو وتلخص لدفع الشك الذي كان يحرم حولها. ولما كان ابن طفيل متقدماً في السن طلب من ابن رشد أن يقوم بهذه المهمة. فأكب على دراسة أرسطو بكل جهد، وكان له علم سابق بفلسفته.

       وفي عام 564ه/ 1169م عينه الخليفة قاضياً في اشبيلية. فلخص ابن رشد في هذه السنة «كتاب الحيوان» لأرسطو. وفي عام 566ه/ 1171م عينه أبو يعقوب قاضياً في قرطبة، وبقي في هذا المنصب مدة تزيد على العشر سنوات شرح فيها كتاب «ما بعد الطبيعة» لأرسطو وعدة كتب أخرى. وفي عام 577ه/ 1182م استدعاه الخليفة إلى مراكش وجعله طبيبه الخاص، ثم أعاده إلى قرطبة بوظيفة قاضي القضاة.

       وبعد وفاة أبي يعقوب خلفه ابنه أبو يوسف الملقب بالمنصور (579ه/ 1184م) فلقي ابن رشد في بادئ الأمر، مالقي على يدي والده من حظوة وإكرام، وأصبح في ذلك الزمان «سلطان العقول والأفكار، لا رأي إلا رأيه، ولا قول إلا قوله» الأمر الذي أثار حسد الفقهاء والمتزمتين وحقدهم الذين رموه بالكفر والزندقة. فتمكنوا من قلب الخليفة عليه. وامر الخليفة بحرق كتب ابن رشد وكتب الفلسفة، وحظر الاشتغال بالفلسفة والعلوم جملة ماعدا الطب وعلم النجوم وعلم الحساب.

       وبعدما عاد الخليفة إلى مراكش وتحرر من ضغط علماء الدين في الاندلس، عفا عن ابن رشد واستقدمه اليه واعاده الي سالف نعمته.

ولكن هذه النكبة كانت قد أثرت تأثيراً عميقاً في ابن رشد. فلم يعمر طويلاً بعد العفو عنه، اذ توفي، في مراكش، عام 595ه/ 1198م (أي بضعة اشهر بعد العفو). ونقلت رفاته الى قرطبة حيث توجد مدافن عائلته[1].

آثاره

       يذكر ابن ابي اصيبعة ان مؤلفات ابن رشد بلغت خمسين كتاباً رينان يقول، معتمداً على مخطوط محفوظ في خزانة الاسكوريال، انها ثمانية وسبعون كتاباً ورسالة. المطبوع منها قليل، ولايزال القسم الأكبر منها مخطوطاً، ومنها ما ضاع اصله العربي، ولم يصل الينا الا في ترجمة عبرية او لاتينية.

       وتنقسم هذه المؤلفات قسمين كبيرين:

1- شروحات لكتب الاقدمين، ولاسيما كتب ارسطو وأفلاطون والافروديسي، وبعض كتب فلاسفة الاسلام، مثل الفارابي وابن سينا والغزالي وابن باجه- واهمها شرح ما بعد الطبيعة، وشرح كتاب النفس، وتلخيص كل من كتاب الاخلاق، وكتاب السماع الطبيعي، وكتاب الكون والفساد، والبرهان- وكلها لأرسطو[2].

2- كتب من تأليفه: «كتاب فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال»، «كتاب الكشف عن مناهج الادلة في عقائد الملة وتعريف ما وقع فيها بحسب التأويل من الشبه المزيفة والبدع المضلة» في علم الكلام، «تهافت التهافت» وهو نقض لكتاب الغزالي «تهافت الفلاسفة».

ابن رشد الشارح

       حاول ابن رشد أن ينقي فلسفة أرسطو من كل ما أدخله عليها شراحه الاسكندرانيون

 فبين ابن رشد أن أرسطو يختلف كل الاختلاف في عدد من القضايا عن استاذه أفلاطون كما وضح أن أرسطو يبعد كل البعد عن القول بالفيض، كما اتضح لابن رشد أن الفارابي وابن سينا كانا قد أدخلا على مذهب أرسطو أقوالاً لا صلة لها بمذهب المعلم الأول.

       ان طريقة ابن رشد في الشرح فإنها تختلف في الشكل عن طريقة الفارابي وابن سينا، وعن طريقة شراح أرسطو اليونان... فكانت طريقتهم أن يجعلوا غرض أرسطو في باب من أبواب فلسفته[3]، فكان ابن رشد أول من عمد إلى النص الأرسطوطالي، يعرضه ثم يفسره ويعلق عليه فقرة فقرة، وعبارة عبارة، وأحيانا يذكر نصوصاً مستقاة من تأليف أرسطو الأخرى. هذا الأسلوب يشبه كثيراً أسلوب التفسير القرآني المتأثر بالمدرسة السريانية في التفسير، بينما كان الطابع الفلسفي يغلب على المدرسة الاسكندرانية (اليونانية) في التأويل إذ كانت تأخذ بالتأويل الباطن. وقد ساير ابن رشد في طريقته هذه في الشرح القديس توما الأكويني (1274م) .

نزعة التوفيق عند ابن رشد

       ليس ابن رشد أول من حاول، في الإسلام، التقريب بين الشريعة والفلسفة لقد سبقه في ذلك المعتزلة الذين اتخذوا العقل سلطانا ، واعتمدوا عليه في تأويل الشرع ، ثم الكندي الذي قال ان صدق المعارف الدينية يعرف بالمقاييس العقلية، فالفارابي وابن سينا، في الشرق، وابن باجة وابن طفيل، في الغرب  (في الأندلس) ولكن جميع هؤلاء اقتصروا على تناول مشكلة التقريب بين الحكمة والشريعة في صلب كتبهم الفلسفية العامة.

       ولكن ابن رشد خصص بعض مؤلفاته لموضوع التقريب بين الشريعة والفلسفة، ومنها:-  فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، - الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة، -تهافت التهافت يدافع ابن رشد عن الفلسفة المشائية، ويرد على هجمات المتكلمين عامة والغزالي خاصة من ناحيتي الإبطال والتقريب.

       ولقد اعجب ابن رشد بفلسفة ارسطو كل الإعجاب، » فإنه كان يرى أن أرسطو هو[4] الإنسان الأكمل والمفكر الأعظم الذي وصل إلى الحق الذي لا يشوبه باطل، وحتى لو كشفت أشياء جديدة في الفلك والطبيعة لما غير ذلك من هذا الحكم شيئا . وكثيرا ما نقل ابن رشد من كتب الفارابي وابن سينا ) أشياء لأرسطو( فخالفهما في فهمهما، وكان أصح منهما فهماً.

       وابن رشد يعتبر أرسطو أسمى صورة تمثل فيها العقل الإنساني، أنه يميل إلى تسميته بالفيلسوف الإلهي.

فلما وجد ابن رشد أن الغزالي نجح في تهجمه على الفلاسفة وأصبح موقفه هو السائد، أراد أن يدافع عن أرسطو

والفلسفة وان يوجه إلى الغزالي الضربة الأخيرة ليهدم أركان مذهبه، وليفهم الناس أن الفلسفة لا تناقض الدين، بل

تدعمه وتشد أزره والجدير بالذكر هما أن ابن رشد كان قاضيا وفقيهاً، لا يصدر حكمه إلا بعد تحليل الأمور

والبحث والتنقيب. وهذا ما نلاحظه في كتابه «فصل المقال»[5].

تمهيد:

       إن كتاب «فصل المقال» هو دفاع شكلي عن حق الفلاسفة في تأويل الشرع على ضوء المنطق، شريطة ألا ينكروا أصلاً من أصول الدين.

       ان حق التأويل الذي يدافع عنه ابن رشد هو حق ذكره الله في كتابه الكريم، فاعتمد في دفاعه على موقفه هذا على عدد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، مما يعطي قوة لدفاعه ضد من يرى في الفلسفة زندقة.

       استهل ابن رشد كتابه بسؤال: هل الشرع يبيح البحث الفلسفي أو يأمر به أم يحظره؟[6]

يجيب ابن رشد على هذا السؤال مستشهداً بعدد من الآيات القرآنية التي تحث على البحث المنطقي، مثل: ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ[7]  وهكذا اعتبر ابن رشد البحث الفلسفي مشروعاً وواجباً على أهل البرهان.

       ثم يتساءل قائلاً: هل يستطيع جميع الناس ان يستعملوا المنطق؟

       فيجيب قائلاً: كلا، إذ أن فطر الناس متفاوتة: فمنهم من يصدق بالبرهان، ومنهم من يصدق بالجدل، ومنهم من يصدق بالأقاويل الخطابية. وهذا التقسيم الثلاثي لفطر الناس معتمد أيضاً على آية قرآنية: «ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»[8].

لذلك جاء الشرع ليرضي هذه الفئات الثلاث من الناس: فمنهم من يأخذ الشرع[9] على ظاهره، ومنهم من يحاول فهمه، ومنهم من يبحث عن معناه الباطن. وواجب على هذه الفئة الثالثة الا تأخذ الشرع على ظاهره لما لها من استعداد للنظر فيه، كما وأنه واجب على الفئة الأولى ان تأخذ الشرع على ظاهره اذ انها لا تستطيع خلاف ذلك.

-       غير ان الشرع لا يجب أن يؤول كله، كما وأنه لا يجب أن يؤخذ كله على ظاهره.

-       ولما كانت فطر الناس متباينة، لذلك جاء الشرع وفي الظاهر والباطن.

-       ويلاحظ أيضا ابن رشد انه نقل عن كثير من الصدر الأول انهم كانوا متفقين على ان للشرع ظاهراً وباطناً، وانه لا يحق لمن هو ليس من اهل النظر ان يستخدم التأويل[10].  

       ويذكر ابن رشد الأصول التي لا يمكن انكارها أو تأويلها تأويلاً يفضي الى انكارها. وهذه الأصول ترد الى ثلاثة، وهي:

1- الإقرار بوجود الله، 2- الإقرار بالنبوات، 3- الإقرار بالسعادة والشقاء الأخرويين.

فيقول: (من أنكر أصلاً منها كان كافراً. ومن أقر بها واجتهد في تفسيرها- لأنه من أهل البرهان- فهذا حق له وواجب عليه).

       لذلك انقسم الشرع الى ظاهر وباطن: فالظاهر هو تلك الأمثال المضروبة للمعاني، والباطن هو تلك الحقائق التي لا يدركها على حقيقتها إلا أهل البرهان.

       أما فيما يتعلق بالتأويل، فيميز ابن رشد بين: 1- ما يجب تأويله، 2- ما يمتنع تأويله، 3- ما يقول بعضهم انه يجوز تأويله والبعض الآخر يقول لا يجوز ذلك. فمن اخطأ من العلماء في هذا الصنف الأخير فهو معذور. 

       ثم ينتهي ابن رشد إلى مسألة المعاد، وهي من الصنف الثالث، أي أن بعضهم لا يجوز تأويلها ويقول يجب حملها على ظاهرها، والبعض الآخر يجوزون تأويلها ولكنهم يختلفون في التأويل[11].

       بعد ذلك ينتقل ابن رشد الى مقصود الشرع، فيقول ان هذا المقصود هو تعليم العلم الحق والعمل الحق. أما العلم الحق فانه ينحصر في معرفة الله ومعرفة الموجودات على حقيقتها، ومعرفة السعادة الأخروية والشقاء الأخروي. والعمل الحق هو عمل ما يفيد السعادة ويجنب ما يفيد الشقاء.

       والعمل ينقسم إلى أفعال ظاهرة، وهي موضوع الفقه- وإلى أفعال نفسانية، مثل الشكر والصبر، وهي موضوع الزهد. فيستعرض ابن رشد طرق التعليم ويردها إلى قسمين: التصور والتصديق. والتصديق يكون إما بالبرهان، إما بالجدل، وإما بالخطابة- والتصور يكون إما بتصور الشيء نفسه وإما مثاله[12].

       وفي ختام الكتاب يوجز ابن رشد ما جاء فيه وهو: ليرجع إلى الكتاب العزيز، وألا يؤول منه إلا ما يحتاج إلى التأويل، وألا يقوم بهذا التأويل الا من هو من أهل البرهان.

الفلسفة والمنطق والشريعة: هل أوجب الشرع الفلسفة؟

       قال ابن رشد في الصفحة الأولى من كتاب «فصل المقال» ان غرضه من هذا الكتاب هو الفحص عن جهة النظر الشرعي هل النظر في الفلسفة وعلوم المنطق مباح بالشرع، أم محظور، أم مأمور به؟.

       وللإجابة عن هذا السؤال يبدأ ابن رشد بتحديد معنى الفلسفة، فيقول: «ان فعل الفلسفة ليس شيئاً أكثر من النظر في الموجودات واعتبارها من جهة دلالتها على الصانع»، فاذا استطعنا ان نثبت ان الشرع قد حث على النظر في الموجودات واعتبارها بالعقل، امكننا ان نستنج من ذلك ان للنظر في الفلسفة مأمور به على جهة الندب، أو على جهة الوجوب.   

       ولسنا نحتاج إلى كبير عناء في البرهان على ان الشرع يحث على النظر في الموجودات واعتبارها في العقل. ففي قوله تعالى، «فاعتبروا يا أولي الابصار» اشارة صريحة إلى وجوب استعمال القياس العقلي، أو العقلي والفقهي معاً، كما أن في قوله: «أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء» وقوله: «ويتفكرون في خلق السماوات والارض» حثاً على النظر في الموجودات[13].

المنطق

       واذا صح ان الاعتبار ليس شيئاً أكثر من استنباط المجهول من المعلوم، وهو القياس العقلي، وجب علينا ان نجعل نظرنا في الموجودات مبيناً على هذه الطريقة.

  وهذا النوع من النظر هو الذي حث عليه الشرع، وهو أتم أنواع القياس، وهو المسمى برهاناً. واذن ينبغي لمن يريد ان يصل إلى معرفة الله، وسائر الموجودات، ان يتعلم أنواع البراهين وشروطها، وأنواع القياس، وأجزاءه، ومقدماته وأنواعها، فان نسبة هذه الامور إلى النظر كنسبة الآلة إلى العمل. فكما ان الفقيه يستنبط من الأمر بالنظر في الموجودات وجوب معرفة القياس العقلي وأنواعه[14].

علوم غير المسلمين وحكمها

       إذا قيل أن هذا النوع من النظر في القياس العقلي بدعة لم يعرفها رجال الصدر الأول، قال ابن رشد ان النظر في القياس الفقهي وأنواعه لم يعرفه كذلك رجال الصدر الأول، فلماذا نقول ان القياس العقلي بدعة، وان القياس الفقهي ليس بدعة؟ ان كلاً من هذين القياسين واجب بالشرع[15].  

لا يمكن لفرد واحد ادراك كل العلوم

       يبين ابن رشد في هذا الباب أن هذا الغرض انما يتم لنا في الموجودات بتداول الفحص عنها واحداً بعد واحد، وان يستعين في ذلك المتأخر بالمتقدم، على مثال ما عرض في علوم التعاليم. فإنه لو فرضنا صناعة الهندسة في وقتنا هذا معدومة، وكذلك صناعة علم الهيئة، ورام انسان واحد من تلقاء نفسه ان يُدرك مقادير الأجرام السماوية وأشكالها وأبعاد بعضها عن بعض، لما امكنه ذلك[16]. لذلك يجب علينا أن الفينا لمن تقدمنا من الأمم السالفة نظراً في الموجودات واعتباراً لها بحسب ما اقتضته شرائط البرهان أن ننظر في الذي قالوه من ذلك وما اثبتوه في كتبهم: فما كان منها موافقاً للحق قبلناه منهم وسررنا به، وشكرناهم عليه، وما كان منها غير موافق للحق نبهنا عليه وحذر رنا منه وعذرناهم[17].

الفلسفة ومعرفة الله تعالى

       فقد تبين أن النظر في كتب القدماء واجب بالشرع، إذ كان مغزاهم  في كتبهم ومقصدهم هو المقصد الذي حثنا الشرع عليه، وان من نهى عن النظر فيها من كان أهلاً للنظر فيها، وهو الذي جمع أمرين أحدهما ذكاء الفطرة، والثاني العدالة الشرعية والفضيلة الخلقية- فقد صد الناس عن الباب الذي دعا الشرع منه الناس إلى معرفة الله، وهو باب النظر المؤدي إلى معرفته حق المعرفة. وذلك غاية الجهل والبعد عن الله تعالى.

موافقة الشريعة لمناهج الفلسفة

       ان شريعتنا هذه الإلهية حق وانها التي نبهت على هذه السعادة، ودعت اليها، التي هي المعرفة بالله (عز وجل) وبمخلوقاته، فان ذلك متقرر عند كل مسلم من الطريق الذي اقتضته جبلته وطبيعته من التصديق. وذلك ان طباع الناس متفاضلة في التصديق: فمنهم من يصدق بالبرهان، ومنهم من يصدق بالأقاويل الجدلية تصديق صاحب البرهان بالبرهان، اذ ليس في طباعه اكثر من ذل، ومنهم من يصدق بالأقاويل الخطابية كتصديق صاحب البرهان بالأقاويل البرهانية.

       وذلك انه لما كانت شريعتنا هذه الإلهية قد دعت الناس من هذه الطرق الثلاث[18]  عم التصديق بها كل انسان، الا من جحدها عناداً بلسانه، أو لم تتقرر عنده طرق الدعاء فيها الى الله تعالى لإغفاله ذلك من نفسه. ولذلك خص عليه السلام بالبعث الى «الأحمر والأسود»، اعني لتضمن شريعته طرق الدعاء الى الله تعالى. وذلك صريح في قوله تعالى: ﴿ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن[19].

التوافق بين المعقول والمنقول

       يؤكد ابن رشد ان كل ما أدى اليه البرهان وخالفه ظاهر الشرع ان ذلك الظاهر يقبل التأويل العربي. وهذه القضية لا يشك فيها مسلم، ولا يرتاب بها مؤمن. وما اعظم ازدياد اليقين بها عند من زاول هذا المعنى وجربه، وقصد هذا المقصد من الجمع بين المعقول والمنقول. بل نقول انه ما من منطوق به في الشرع مخالف بظاهره لما أدى إليه البرهان، الا اذا اعتبر الشرع وتصفحت سائر اجزائه وجد في الفاظ الشرع ما يشهد بظاهره لذلك التأويل أو يقارب أن يشهد.

       ولهذا المعنى اجمع المسلمون على أنه ليس يجب أن تُحمل الفاظ الشرع لها على ظاهرها، ولا ان تخرج كلها عن ظاهرها بالتأويل[20].  

استحالة الاجماع العام

       ذهب ابن رشد أنه لو ثبت الاجماع بطريق يقيني فلم يصح، واما ان كان الاجماع فيها ظنيا فقد يصح.

       وقد يدلك على ان الاجماع لا يتقرر في النظريات بطريق يقيني كما يمكن ان يتقرر في العمليات، انه ليس يمكن ان يتقرر الاجماع في مسألة ما في عصر ما إلا بأن يكون ذلك العصر عندنا محصوراً، وان يكون جميع العلماء الموجودين في ذلك العصر معلومين عندنا، اعني معلوماً اشخاصهم ومبلغ عددهم، وان ينقل الينا في المسألة مذهب كل واحد منهم نقل تواتر، ويكون مع هذا كله قد صح عندنا ان العلماء[21] الموجودين في ذلك الزمان متفقون على أنه ليس في الشرع ظاهر أو باطن، وان العلم بكل مسألة يجب ان لا يكتم عن أحد، وان الناس طريقهم واحد في علم الشريعة.

تكفير الغزالي لفلاسفة الإسلام

       يذهب ابن رشد في هذا الباب إلى أن أبا حامد الغزالي قد كفر فلاسفة من أهل الإسلام، في كتابه المعروف؛ «التهافت» في ثلاث مسائل: في القول بقدم العلم، وبأنه تعالى لا يعلم الجزئيات- تعالى عن ذلك- وفي تأويل ما جاء في حشر الأجساد وأحوال المعاد.

       يلاحظ ابن رشد أن تكفير الغزالي للفارابي وابن سينا لم يكن قطعاً، لأن الغزالي طرح في كتاب «التفرقة» ان التكفير بخرق الاجماع فيه احتمال.

       وخلص ابن رشد إلى القول بأنه لا يمكن أن يتقرر إجماع في أمثال هذه المسائل[22].

هل يعلم الله تعالى الجزئيات؟

       يرى ابن رشد أن أبا حامد قد غلط على الحكماء المشائين، فيما نسب اليهم من انهم يقولون انه تقدس وتعالى لا يعلم الجزئيات أصلاً. بل يرون أنه تعالى يعلمها بعلم غير مجانس لعلمنا بها، وذلك ان علمنا بها معلول للمعلوم به، فهو محدث بحدوثه ومتغير بتغيره. وعلم الله سبحانه بالوجود على مقابل هذا، فإنه علة للمعلوم الذي هو الموجود. فمن شبه العلمين أحدهما بالآخر فقد جعل ذوات المتقابلات وخواصها واحداً، وذلك غاية الجهل[23].

اختلاف المتكلمين في القدم والحدوث

       ذهب ابن رشد إلى أن المذاهب في العالم ليست تتباعد كل التباعد حتى يكفر بعضها ولا يكفر.

فإن الآراء التي من شأنها هذا يجب أن تكون في الغاية من التباعد، فيقول (اعني أن تكون متقابلة، كما ظن المتكلمون في هذه المسألة، أعني أن اسم «القدم» و«الحدوث» في العالم بأسره هو من المتقابلة. وقد تبين من قولنا ان الأمر ليس كذلك)[24].

تأويل بعض الآيات (ويدل ظاهرها على وجود قبل وجود العالم)

       يرى ابن رشد أن هذه الآراء في العالم ليست على ظاهر الشرع. فإن ظاهر الشرع إذا تصفح ظهر من الآيات الواردة في الأنباء عن ايجاد العالم ان صورته محدثة بالحقيقة، وان نفس  الوجود والزمان مستمر من الطرفين، أعني غير منقطع. وذلك أن قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾[25] يقتضي بظاهره ان وجوداً قبل هذا الوجود، وهو العرش والماء، وزماناً قبل هذا الزمان، فيقول (أعني المقترن بصورة هذا الوجود الذي هو عدد حركة الفلك)[26].- وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ﴾[27] يقتضي أيضاً بظاهره ان وجوداً ثانياً بعد الوجود. قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ ﴾[28] يقتضي بظاهره ان السموات خلقت من شيء.  

       فالمتكلمون ليسوا في قولهم أيضاً في العالم على ظاهر الشرع، بل متأولون. فإنه ليس في الشرع ان الله كان موجوداً مع العدم المحض، ولا يوجد هذا فيه نصباً أبداً.

خطأ الحاكم وخطأ العالم (أي خطأ معذور)

       أورد ابن رشد في هذا الباب، حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا اجْتَهَدَ الحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْر)[29]، وهؤلاء الحكام هم العلماء الذين خصهم الله بالتأويل. وهذا الخطأ المصفوح عنه في الشرع، انما هو الخطأ الذي يقع[30] من العلماء اذا نظروا في الأشياء العويصة التي كلفهم الشرع النظر فيها.

       وبالجملة فالخطأ في الشرع على ضربين:

-       إما خطأ يعذر فيه من هو من أهل النظر في ذلك الشيء الذي وقع فيه الخطأ، كما يعذر الطيب الماهر إذا أخطأ في صناعة الطب، والحاكم الماهر إذا أخطأ في الحكم. ولا يعذر فيه من ليس من أهل ذلك الشأن.

-       وإما خطأ ليس يعذر فيه أحد من الناس، بل ان وقع في مبادئ الشريعة فهو كفر وإن وقع فيما بعد المبادئ فهو بدعة[31].

الأصول الثلاثة للشرع، والإيمان بها

       الأصول الثلاثة حسب ما جاء به ابن رشد في كتابه هي:

-       الإقرار بوجود الله

-       الإقرار بالنبوات

-       الإقرار بالسعادة الأخروية والشقاء الأخروي[32].

       وذلك أن هذه الأصول الثلاثة تؤدي إليها أصناف الدلائل الثلاثة التي حددها ابن رشد فيما سلف، وهي: الدلائل الخطابية، والجدلية، والبرهانية[33].

تأويل ظاهر الآيات والأحاديث: أهل البرهان وأهل القياس

       يذهب ابن رشد في هذا الباب أن الشرع ينقسم إلى ظاهر وباطن. فإن الظاهر هو تلك الأمثال المضروبة لتلك المعاني، والباطن هو تلك المعاني التي لا تنجلي إلا لأهل البرهان. وهذه هي أصناف تلك الموجودات الأربعة أو الخمسة[34]  التي ذكرها أبو حامد في «كتاب التفرقة».

       بعد أن ناقش هذه المسألة، انتهى إلى تقرير ما يجوز تأويله مما لا يجوز تأويله، يقول: (فقد ظهر لك من قولنا ههنا ظاهراً من الشرع لا يجوز تأويله. فإن كان تأويله في المبادئ فهو كفر، وان كان فيما بعد المبادئ فهو بدعة)[35].       

       وهناك صنف ثالث من الشرع متردد بين هذين الصنفين يقع فيه الشك، والمخطئ في هذا من العلماء معذور[36].

اختلاف العلماء في أحوال المعاد

       إن هذه المسألة من الصنف المختلف فيه، بين من يقول أن الواجب حملها على ظاهرها، ومن يتأولونها وهؤلاء يختلفون في تأويلها اختلافاً كثيراً[37].    

       وأما من كان من غير أهل العلم، فالواجب عليه حملها على ظاهرها. وتأويلها في حقه كفر، لأنه يؤدي إلى الكفر...ولهذا يجب أن لا تثبت التأويلات إلا في كتب البراهين، لأنها إذا كانت في كتب البراهين لم يصل إليها إلا من هو من أهل البرهان[38].

أحكام التأويل في الشريعة للعارفين

       يقول ابن رشد: والذي يجب على أئمة المسلمين أن ينهوا عن كتبه التي تتضمن العلم، الا من كان من أهل العلم؛ كما يجب عليهم ان ينهوا عن كتب البرهان من ليس أهلاً لها. وان كان الضرر الداخل على الناس من كتب البرهان اخف، لأنه لا يقف على كتب البرهان في الأكثر، الا أهل الفطر الفائقة، وانما يؤتى هذا الصنف من عدم الفضيلة العملية والقراءة على غير ترتيب وأخذها من غير معلم. ولكن منعها بالجملة صاد لما دعا اليه الشرع، لأنه ظلم لأفضل اصناف الناس ولأفضل اصناف الموجودات، اذ كان العدل في افضل اصناف الموجودات ان يعرفها على كنهها من كان معداً لمعرفتها على كنهها، وهم افضل اصناف الناس. فإنه على قدر عظم الموجود يعظم الجور في حقه للذي هو الجهل به. ولذلك قال تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾[39].[40]  

أقسام العلوم الدنيوية والآخروية

       يقول ابن رشد في هذا الباب: (وينبغي ان تعلم مقصود الشرع انما هو تعليم العلم الحق  والعمل الحق. والعلم الحق هو معرفة الله تبارك وتعالى وسائر الموجودات على ماهي عليه، وبخاصة الشريفة منها، ومعرفة السعادة الأخروية والشقاء الأخروي[41].

       والعمل الحق هو امتثال الأفعال التي تفيد السعادة، وتجنب الأفعال التي تفيد الشقاء. والمعرفة بهذه الأفعال هي التي تسمى «العلم العملي»).

       وهذه تنقسم إلى قسمين: احدها أفعال ظاهرة بدنية، والعلم بهذه هو الذي يسمى «الفقه»، والقسم الثاني أفعال نفسانية، مثل الشكر والصبر، وغير ذلك من الأخلاق التي دعا اليها الشرع أو نهى عنها[42].

تقسيم المنطق والبرهان

       يرى ابن رشد في بداية هذا الباب أن طرق التصديق ضربين: منها ماهي للعامة لأكثر الناس[43]، وهي الخطابية والجدلية، والخطابية اعم من الجدلية. ومنها ماهي خاصة لأقل الناس وهي البرهانية وكان الشرع مقصوده الأول العناية بالأكثر من غير اغفال تنبيه الخواص، كانت أكثر الطرق المصرح بها في الشريعة هي الطرق المشتركة للأكثر في وقوع التصور والتصديق.

       هذه الطرق هي في الشريعة على أربعة أصناف، فقال بعد بسطها: (وبالجملة، فكل ما يتطرق له من هذه تأويل لا يدرك الا بالبرهان، ففرض الخواص فيه هو ذلك التأويل، وفرض الجمهور هو حملها على ظاهرها في الوجهين[44] جميعاً، اعني في التصور والتصديق، اذ كان ليس في طباعهم أكثر من ذلك)[45].

لا يجوز أن يكتب للعامة ما لا يدركونه

       يوضح ابن رشد في مطلع هذا الباب ان الناس في الشريعة على ثلاثة أصناف:

-       صنف ليس هو من أهل التأويل أصلاً، وهم الخطابيون الذين هم الجمهور الغالب.

-       وصنف هو من أهل التأويل الجدلي، وهؤلاء هم الجدليون بالطبع فقط، أو بالطبع والعادة.

-       وصنف هو من أهل التأويل اليقيني، وهؤلاء هم البرهانيون بالطبع والصناعة، أعني صناعة الحكمة.

       وهذه التأويلات ليس ينبغي أن يصرح بها لأهل الجدل فضلاً عن الجمهور[46]. ولا أن تثبت في الكتب الخطابية أو الجدلية- اعني الكتب التي الأقاويل الموضوعية فيها من هذين الصنفين كما صنع ذلك أبو حامد[47].

الشرع يصلح النفوس والطب يصلح الأبدان

       يذهب ابن رشد أن نسبة الطبيب إلى صحة الأبدان نسبة الشارع إلى صحة الأنفس، وهذه الصحة هي المسماة «تقوى».

       وقد صرح الكتاب العزيز بطلبها بالأفعال الشرعية في غير ما آية. فقال تعال: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[48]. وقال تعالى: ﴿لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ[49]. وقال: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ[50] الى غير ذلك من الآيات التي تضمنها الكتاب العزيز من هذا المعنى. فالشارع انما[51] يطلب بالعلم الشرعي والعمل الشرعي هذه الصحة. وهذه الصحة هي التي تترتب عليها السعادة الأخروية، وعلى ضدها الشقاء الأخروي[52].

ما أخطأ فيه الأشعريون

       وزائداً الى هذا كله ان طرقهم التي سلكوها في اثبات تأويلاتهم ليسوا فيه (لا) مع الجمهور ولا مع الخواص ، فلكونها إذا تؤملت وجدت ناقصة عن شرائط البرهان، وذلك يقف عليه بأدنى تأمل من عرف شرائط البرهان. بل كثير من الأصول التي بنت عليه الأشعرية معارفها هي سوفسطائية، فإنها تجحد كثيراً من الضروريات[53]، مثل ثبوت الأعراض وتأثير الأشياء بعضها في بعض، ووجود الأسباب الضرورية للمسببات والصور الجوهرية والوسائط[54].

عصمة الصدر الأول عن التأويل

       يوضح ابن رشد في هذا الباب أن الصدر الأول انما صار إلى الفضيلة الكاملة والتقوى باستعمال الأقاويل دون تأويلات فيها، ومن كان منهم[55] وقف على تأويل لم ير ان يصرح به. واما من اتى بعدهم فانهم لما استعملوا التأويل قل تقواهم وكثر اختلافهم وارتفعت محبتهم وتفرقوا فرقاً[56].

كيفية التوفيق بين الحكمة والشريعة

       يؤكد ابن رشد على وجوب العودة إلى الكتاب العزيز، وعلى وجوب النظر التام في أصل الشريعة. والعودة إليه. أي القرآن الكريم. والاعتماد عليه لرفع البدعة عن الشريعة[57].

       وفي الختام أكد على أن الحكمة هي صاحبة الشريعة والأخت الرضيعة، وأنهما المصطحبتان بالطبع المتحابتان بالجوهر والغريزة. ودعا الجمهور إلى طريق الوسط، وإلى معرفة الله سبحانه وتعالى[58].

 



[1] - أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، دار المشرق (المطبعة الكاثوليكية) بيروت- لبنان، ص: 11- 12.

[2] - أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، ص: 12.

[3] - نفسه، ص: 13.

[4] - أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، ص: 14.

[5] - نفسه، ص: 15.

[6] - نفسه، ص: 17.

[7] - سورة الحشر، الآية: 2.

[8] - سورة النحل، الآية: 125.

[9] - أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، ص: 18.

[10] - نفسه، ص: 19.

[11] - أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، ص: 22.

[12] - نفسه، ص: 23.

[13] - جميل صليبا، تاريخ الفلسفة العربية، دار الكتب اللبناني، الطبعة الثانية، بيروت 1970، ص: 458

[14] - نفسه، ص: 458- 459.

[15] - نفسه، ص: 459.

[16] - أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، ص: 32.

[17] - أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، ص: 33.

[18] - نفسه، ص: 34.

[19] - نفسه، ص: 35.

[20] - أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، ص: 36.

[21] - نفسه، ص: 37.

[22] - نفسه، ص: 38.

[23] - أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، ص: 39.

[24] - نفسه، ص: 42.

[25] - سورة هود، الآية: 7.

[26] - أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، ص: 42.

[27] - سورة إبراهيم، الآية: 48.

[28] - سورة فصلت، الآية: 11.

[29] - رواه البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، ج: 13/ ص: 318.

[30] - أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، ص: 43.

[31] - نفسه، ص: 44.

[32] - نفسه، ص: 44.

[33] - نفسه، ص: 45.

[34] - أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، ص: 45.

[35] - نفسه، ص: 46.

[36] - نفسه، ص: 47.

[37] - نفسه، ص: 47.

[38] - نفسه، ص: 48.

[39] - سورة لقمان، الآية: 13.

[40] - أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، ص: 49.

[41] - نفسه، ص: 49.

[42] - نفسه، ص: 50.

[43] - نفسه، ص: 50.

[44] - نفسه، ص: 51.

[45] - نفسه، ص: 52.

[46] - أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، ص: 52.

[47] - نفسه، ص: 53.

[48] - سورة البقرة، الآية: 183.

[49] - سورة الحج، الآية: 37.

[50] - سورة العنكبوت، الآية: 45.

[51] - أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، ص: 54.

[52] - نفسه، ص: 55.

[53] - أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، ص: 55.

[54] - نفسه، ص: 56.

[55] - نفسه، ص: 56.

[56] - نفسه، ص: 57.

[57] - نفسه، ص: 57.

[58] - نفسه، ص: 58.


تعليقات